الموجود بالمعدوم ، فثبت الواسطة.
والجواب : أنّ العرض قد يقوم بالعرض على ما يأتي.
وأيضا فإنّ قيام الجنس بالفصل ليس هو قيام عرض بعرض.
قال : ( ونوقضوا بالحال (١) نفسها ).
أقول : اعلم أنّ نفاة الأحوال قالوا : وجدنا ملخّص (٢) أدلّة مثبتي الحال يرجع إلى أنّ هاهنا حقائق تشترك في بعض ذاتيّاتها وتختلف في البعض الآخر ، وما به الاشتراك مغاير لما به الامتياز.
ثمّ قالوا : إنّ ذلك ليس بموجود ولا معدوم ، فوجب القول بالحال.
وهذا منتقض عليهم بالحال نفسها ، فإنّ الأحوال عندهم متعدّدة ومتكثّرة ، فلها جهة اشتراك هي مطلق الحاليّة ، وامتياز هي خصوصيّات تلك الأحوال ، وجهة الاشتراك مغايرة لجهة الامتياز ، فيلزم أن يكون للحال حال أخرى ويتسلسل.
قال : ( والعذر بعدم قبول التماثل والاختلاف ، والتزام التسلسل باطل ).
أقول : اعتذر المثبتون عن التزام النفاة بوجهين :
الأوّل : أنّ الحال لا يوصف بالتماثل والاختلاف.
الثاني : القول بالتزام التسلسل.
والعذران باطلان.
أمّا الأوّل : فلأنّ كلّ معقول إذا نسب إلى معقول آخر. فإمّا أن يتّحدا في المعقوليّة ، ويكون المتصوّر من أحدهما هو المتصوّر من الآخر ، وإنّما يتعدّدان بعوارض لاحقة ، وهما المثلان ، أو لا يكون كذلك ، وهما المختلفان ، فلا يتصوّر نفيهما.
وأمّا الثاني : فإنّه يبطل الاستدلال بوجود الصانع تعالى. وبراهين إبطال التسلسل ـ سيّما برهان التطبيق ـ آتية هاهنا.
__________________
(١) الحال ـ كما عليه المتكلّمون ـ : وسط بين الموجود والمعدوم ، وهو صفة غير موجودة بذاتها وغير معدومة.
(٢) في جميع النسخ : « مخلص » وهو غلط ، وما أثبتناه موافق لـ « كشف المراد » : ٣٦.