الذاتيّة ، فيجوز على القديم الانقلاب إلى الحدوث وبالعكس. ولأنّ التخصيص لا بدّ له من مرجّح ، وليس ذاتا ؛ لتساوي الذوات على هذا القول ، ولا صفة ذات وإلاّ تسلسلت الصفات ؛ لاحتياج ثبوت تلك الصفة لذات دون ذات إلى مرجّح آخر وهي الصفة الأخرى ، وهكذا.
وترك (١) سائر الفروع ؛ لعدم الفائدة في ذكرها.
والإنصاف أنّه لا فائدة في الاشتغال بأمثال ذلك بعد ظهور بطلان أصلها.
المسألة الثالثة عشرة : في الوجود المطلق والخاصّ.
قال : ( ثمّ الوجود قد يؤخذ على الإطلاق فيقابله عدم مثله ، وقد يجتمعان لا باعتبار التقابل ويعقلان معا ، وقد يؤخذ مقيّدا فيقابله عدم مثله ).
أقول : اعلم أنّ الوجود عبارة عن الكون في الأعيان ، ثمّ هذا الكون في الأعيان قد يؤخذ عارضا لماهيّة ما ، فيتخصّص الوجود حينئذ ، وقد يؤخذ مجرّدا عمّا عداه من غير التفات إلى ماهيّة معيّنة أو مبهمة ، فيكون وجودا مطلقا.
إذا عرفت هذا ، فالوجود العامّ يقابله عدم مطلق غير متخصّص بماهيّة خاصّة تقابل الإيجاب والسلب من جهة عدم اعتبار المحلّ القابل للوجودي فيه.
نعم ، التقابل بين الوجود المقيّد والعدم المقيّد تقابل العدم والملكة ؛ لأنّ جميع الماهيّات قابلة للوجود الأعمّ.
وهذا الوجود المطلق والعدم المطلق قد يجتمعان على الصدق ؛ فإنّ المعدوم في الخارج الموجود في الذهن يصدق عليه أنّه معدوم مطلق وأنّه موجود مطلق.
نعم ، إذا نظر إلى وحدة الاعتبار ، امتنع الاجتماع في الصدق على شيء واحد ، وإنّما يجتمعان إذا أخذا لا باعتبار التقابل ، ولهذا كان المعدوم المطلق متصوّرا ؛ للحكم عليه بالمقابلة للموجود المطلق ، وكلّ متصوّر ثابت في الذهن ، والثابت في
__________________
(١) عطف على قوله : « وذكر » في ص ٥٢.