وإذا لاحظنا الإمكان الذاتي في هذه القسمة في الممكنات ، انقلبت القسمة مانعة الخلوّ ؛ لعدم خلوّ كلّ معقول ممكن عن الوجوب بالغير والامتناع بالغير والإمكان الذاتي ، فيجوز الجمع بينها ؛ فإنّ الممكن الذاتي واجب أو ممتنع ، فيتحقّق الجمع بين الإمكان الذّاتي وأحد الباقيين.
قال : ( ويشترك الوجوب والامتناع في اسم الضرورة وإن اختلفا في السلب والإيجاب ).
أقول : الضرورة تطلق على الوجوب والامتناع وتشملهما ؛ فإنّ كلّ واحد من الوجوب والامتناع يقال له : ضروريّ ، لكنّهما يختلفان بالسلب والإيجاب ، فالوجوب ضرورة الوجود ، والامتناع ضرورة السلب ، واسم الضرورة شامل لهما.
قال : ( وكلّ منهما يصدق على الآخر إذا تقابلا في المضاف إليه ).
أقول : كلّ واحد من الوجوب والامتناع يصدق على الآخر إذا أضيفا إلى المتقابلين ـ أعني الوجود والعدم ـ فإنّ وجوب الوجود يصدق عليه امتناع العدم ، وبالعكس ، وكذلك امتناع الوجود يصدق عليه وجوب العدم ، وبالعكس.
وإنّما اشترط تقابل المضاف إليه ؛ لأنّه يستحيل صدقهما على مضاف إليه واحد ؛ فإنّ وجوب الوجود لا يصدق عليه امتناع الوجود ، وبالعكس ، ولا وجوب العدم يصدق عليه امتناع العدم ، بل إنّما يصدق كلّ واحد منهما على صاحبه مع التقابل ، كما قلنا : وجوب الوجود يصدق عليه امتناع العدم ، فالوجوب أضيف إلى الوجود ، والامتناع إلى العدم ، والوجود والعدم متقابلان.
قال : ( وقد يؤخذ الإمكان بمعنى سلب الضرورة عن أحد الطرفين ، فيعمّ الأخرى والخاصّ ).
أقول : القسمة العقليّة ثلاثة ؛ لأنّ المعقول إمّا واجب أو ممتنع أو ممكن ليس بواجب ولا ممتنع ، هذا بحسب اصطلاح الخاصّة.
وقد يؤخذ الإمكان على معنى أعمّ من ذلك ، وهو سلب الضرورة عن أحد