الطرفين ـ أعني طرف الوجود أو العدم ـ لا عنهما ، بل عن الطرف المقابل للحكم حتّى يكون ممكن الوجود هو ما ليس بممتنع ، ونكون قد رفعنا فيه ضرورة العدم ، وممكن العدم هو ما ليس بواجب [ و ] نكون قد رفعنا فيه ضرورة الوجود.
وإذا أخذ بهذا المعنى كان أعمّ من الأوّل ومن الضرورة الأخرى التي لا تقابله ، وهي ضرورة الجانب الموافق ، فإنّ رفع إحدى الضرورتين يستلزم ثبوت الأخرى والإمكان الخاصّ ، فممكن الوجود بالإمكان العامّ أعمّ من الواجب والممكن بالإمكان الخاصّ ، وممكن العدم بالإمكان العامّ أعمّ من الممتنع والممكن بالإمكان الخاصّ.
قال : ( وقد يؤخذ بالنسبة إلى الاستقبال ).
أقول : قد يؤخذ الممكن لا بالنظر إلى ما في الحال بل بالنظر إلى الاستقبال حتّى يكون ممكن الوجود هو الذي يجوز وجوده في الاستقبال من غير التفات إلى ما في الحال. وهذا الإمكان أحقّ باسم الإمكان.
قال : ( ولا يشترط العدم في الحال ، وإلاّ اجتمع النقيضان ).
أقول : ذهب قوم غير محقّقين إلى أنّ الممكن الاستقبالي شرطه العدم في الحال ، قالوا : لأنّه لو كان موجودا في الحال لكان واجبا ؛ إذ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فلا يكون ممكنا (١).
وهو خطأ ؛ لأنّ الوجود إن أخرجه إلى الوجوب أخرجه العدم إلى الامتناع.
وأيضا الممكن ما يمكن وجوده وعدمه ، فإذا اشترط في إمكان الوجود في المستقبل العدم في الحال ، اشترط في إمكان العدم الوجود في الحال ، فيلزم اشتراط وجوده وعدمه في الحال. وهذا خلف. وإليه أشار بقوله : « وإلاّ اجتمع النقيضان ».
وأيضا الوجوب الغيري لا ينافي إمكانه في المستقبل.
__________________
(١) انظر : « شرح المقاصد » ١ : ٤٦٢ ـ ٤٦٣.