وعلى الأوّل يلزم كون المرجوح الذاتي راجحا ذاتيّا ؛ إذ لا يتصوّر الوقوع بدون الرجحان ، فمع فرض عدم الغير يكون ذاتيّا ، مع أنّ المفروض أنّ مقتضى الذات رجحان الطرف الراجح ، فيلزم اجتماع النقيضين ، وهو محال ضرورة.
وثالثا : إنّه لو تحقّقت أولويّة ذاتيّة لأحد الطرفين ، فإن لم يمكن وقوع الطرف الآخر ، كان ذلك الطرف ممتنعا ، فيكون الطرف الراجح واجبا لذاته ، وقد فرضناه ممكنا.
وإن أمكن فإمّا لا بسبب ، فيلزم ترجيح المرجوح بلا مرجّح ، وهو أشدّ استحالة من ترجيح أحد المتساويين أو ترجّحه بلا مرجّح ، أو يكون بسبب ، فإن لم يصر ذلك الطرف أولى به لم يكن السبب سببا ، وإن صار يلزم مرجوحيّة الطرف الأولى لذاته ، فيزول ما بالذات بما بالغير ، وهو ممتنع ، مع أنّ وجود السبب المغاير في ذلك المقام غير معقول.
مضافا إلى أنّ القول بالأولويّة (١) الذاتيّة يستلزم تقدّم الشيء على نفسه ، كما لا يخفى ، فلا وجه لاعتبار الأولويّة الذاتيّة.
المسألة الرابعة والعشرون : في أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد.
قال : ( ولا تكفي الخارجيّة ؛ لأنّ فرضها لا يحيل المقابل ، فلا بدّ من الانتهاء إلى الوجوب ).
أقول : أولويّة أحد الطرفين بالنظر إلى وجود العلّة أو عدمها هي الأولويّة الخارجيّة ؛ لكونها منسوبة إلى ما هو الخارج عن الذات ، فإن كانت العلّة مستجمعة لجميع الشرائط منتفيا عنها جميع الموانع ، كانت الأولويّة وجوبا ، وإلاّ كانت أولويّة يجوز معها وقوع الطرف الآخر.
وهذه الأولويّة الخارجيّة لا تكفي في وجود الممكن أو عدمه ؛ لأنّ فرضها
__________________
(١) في « ج » : « القول بتأثير الأولويّة ... ».