المتأخّرين والمؤاخذات التي وردت في مصنّفاتهم » (١).
« المولى الأعظم والحبر المعظّم ، قدوة العلماء الراسخين ، أسوة الحكماء المتألّهين ، نصير الحقّ والدين محمّد بن محمّد الطوسي قدّس الله نفسه وروّح رمسه » (٢).
دراسته
درس علوم اللغة في صغره ، ثمّ علوم القرآن الكريم ، وأمره والده بعد ذلك بدراسة الرياضيات على كمال الدين الحاسب ، ثمّ درس على والده الحديث والأخبار والفقه ، ودرس المنطق والحكمة على خاله ، وقد أتقن العلوم الرياضيّة وهو ما زال في عنفوان شبابه.
انتقل بعد وفاة والده إلى نيسابور ـ التي كانت من الحواضر العلمية آنذاك ـ فلقي فيها سراج الدين القمري وقطب الدين السرخسي وفريد الدين الداماد وأبا السعادات الأصفهاني وفريد الدين العطّار ، وفي نيسابور تفجّرت طاقته وظهرت قدرته على الإبداع وبان نبوغه وتفوّقه ، فكان ممّن يشار إليه بالبنان.
الطوسي والإسماعيليّين
كان زحف المغول مقترنا بوجود المحقّق الطوسي في نيسابور حيث اجتاح جنكيز خان بلاد خراسان وهرب السلطان محمّد خوارزم شاه ، وهرب الناس وتوزّعوا على الفلوات والمدن الآمنة والقلاع ، وبقيت القوّة الوحيدة متمثّلة بالإسماعيليّين الذين تحصّنوا بقلاعهم (٣). وخلال هذه المحنة لم يدر الطوسي أين يولّي وجهه ، فكان والي الإسماعيليّين ـ ناصر الدين ـ قد ولي بلدة قهستان ، وكان ذا فضل وعلم ومهتمّا بالعلماء ، وقد تناهت إليه أخبار الطوسي ومكانته العلميّة وشيوع صيته في الآفاق ، فدعاه إلى قهستان ، وهناك ترجم كتابا لأبي عليّ مسكويه الرازي وزاد عليه مطالب جديدة وسمّاه « أخلاق ناصري » تكريما
__________________
(١) « مختصر الدول » لابن عبري ، نقلا عن « أعيان الشيعة » ٩ : ٤١٤.
(٢) القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٢.
(٣) وأشهر هذه القلاع القلعة المسمّاة بـ « ألموت ». وهي كلمة فارسية مكوّنة من مقطعين : أله + موت ، وتعني وكر العقبان.