وهذا الإمكان الاستعدادي يعدم بعد الوجود ويوجد بعد عدمه للمركّبات ؛ فإنّ الماء بعد تسخّنه يستعدّ لصيرورته هواء بعد أن لم يكن ، فقد تجدّد هذا الاستعداد ، ثمّ إذا برد زال ذلك الاستعداد.
والإمكان الذاتي ـ الذي بيّنّا أنّه لا يمكن زواله عن الممكن ـ مغاير لهذا الإمكان الذي يمكن زواله من هذه الجهة.
مضافا إلى أنّ الإمكان الذاتي قائم بماهيّة الممكن ، والإمكان الاستعدادي قائم بمحلّه ؛ فإنّ إمكان الكتابة قائم بمادّة الجنين إلا بالكتابة ، بخلاف الإمكان الذاتي ، وكلاهما متعلّق بالقابل ، والإمكان الوقوعي متعلّق بعدم ترتّب القبح على الإيجاد ، والإيقاع متعلّق بالفاعل كالإمكان العادي الذي يكون بسبب كون الوجود مسبّبا عن سبب أرضيّ أو سماويّ أو مركّب جليّ أو خفيّ.
المسألة السابعة والعشرون : في القدم والحدوث.
قال : ( والموجود إن أخذ غير مسبوق بالغير أو بالعدم فقديم ، وإلاّ فحادث ).
أقول : هذه قسمة للموجود إلى القديم والحادث ؛ وذلك لأنّ الموجود إمّا أن يسبقه الغير ، أو لا يسبقه الغير ، فالأوّل هو الحادث ، والثاني هو القديم.
وقد يقال : إنّ القديم هو الذي لا يسبقه العدم ، والحادث هو الذي يسبقه العدم.
وهذا أولى.
وينبغي أن يقسّم كلّ منهما إلى الحقيقيّ والإضافيّ ، ويعرف الكلّ بالتأمّل.
المسألة الثامنة والعشرون : في أقسام السبق.
قال : ( والسبق ومقابلاه (١) إمّا بالعلّيّة أو بالطبع أو بالزمان أو بالرتبة الحسّيّة أو العقليّة أو بالشرف أو بالذات ، والحصر استقرائيّ ).
__________________
(١) أي التأخّر والمعيّة.