على اليوم ونحوه من تقدّم بعض أجزاء الزمان على بعض ؛ فإنّه ليس تقدّما بالعليّة ولا بالطبع ، لتساوي أجزاء الزمان في الحقيقة ، ولا بالزمان ، وإلاّ لاحتاج الزمان إلى زمان آخر وتسلسل. وظاهر أنّه ليس بالرتبة ولا بالشرف ، فهو خارج عن هذه الأقسام (١).
وعدّه الحكماء من أقسام السبق الزماني بناء على أنّه عبارة عن كون السابق قبل المسبوق قبليّة لا يجامع القبل معها البعد ، وهو عارض لأجزاء الزمان أوّلا وبالذات ولغيرها ثانيا وبالعرض.
وردّ : بأنّ هذا التعريف صادق على سبق العلّة المعدّة على معلولها ، فهو قسم على حدة ، ولهذا يحكم بتقدّم عدم الزمان على وجوده ، من غير أن يكون مع عدم الزمان زمان حتّى يلزم قدم الزمان المستلزم لقدم الحركة والمتحرّك ، كما ادّعى الحكماء (٢).
وهذا الحصر استقرائيّ لا برهانيّ ، إذ لم يقم برهان على انحصار التقدّم في هذه الأنواع.
والقسمة إنّما تنحصر إذا تردّدت بين النفي والإثبات كأن يقال : إنّ المتقدّم إن احتاج إليه المتأخّر فإن كان كافيا في وجوده ، كان تقدّمه بالعلّيّة وإلاّ فبالطبع. وإن لم يحتج إليه ، فإن لم يمكن اجتماعهما في الوجود ، كان بالزمان. وإن أمكن فإن اعتبر بينهما ترتيب ، كان بالرتبة ، وإلاّ فبالشرف.
ولا يخفى ما فيه.
المسألة التاسعة والعشرون : في أحكام السبق.
قال : ( ومقوليّته بالتشكيك ، وتنحفظ الإضافة بين المضافين في أنواعه ).
أقول : اختلف الحكماء هنا.
__________________
(١) انظر : « مناهج اليقين » : ٢٠ ؛ « كشف المراد » : ٥٨ ؛ « اللوامع الإلهيّة » : ٢١.
(٢) « كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم » ١ : ٤٩٦.