فقال قوم : إنّ التقدّم مقول على أنواعه الخمسة بالاشتراك اللفظي.
وهو خطأ ؛ فإنّ كلّ واحد من التقدّم بالعلّيّة والطبع ـ مثلا ـ قد شارك الآخر في معنى التقدّم.
وقال الآخرون : إنّه مقول بالاشتراك المعنوي على سبيل التشكيك ، وهو الذي اختاره المصنّف رحمهالله.
وهو الحقّ ؛ لأنّ الأصناف تشترك في معنى السبق والتقدّم (١) ، وهذا المعنى المشترك يطلق على تلك الأقسام لا على سبيل التساوي ، بل يطلق على سبيل التشكيك ؛ فإنّ السبق بالعلّيّة أولى من السبق بالطبع ؛ لأنّ الاحتياج إلى العلّة التامّة أقوى من الاحتياج إلى الناقصة ، وهكذا سائر الأقسام ؛ لتحقّق التفاوت في الصدق لبعضها بالإضافة إلى بعض آخر.
وكذا يكون صدق التأخّر الذي هو مضايف للتقدّم على سبيل التشكيك ، فيكون التأخّر ـ الذي هو مضايف للسبق الأولى ـ أولى بالإضافة إلى التأخّر الذي هو مضايف للسبق الآخر.
وهكذا الحال في الأشدّيّة والأقدميّة.
فالإضافة بين السبقين إذا كانت بنوع من الأنواع الثلاثة للتشكيك ، كانت تلك الإضافة تتحفّظ بين تأخّريهما اللّذين هما متضايفان لهما.
وقال الفاضل اللاهيجي : إنّ قوله : « بين المتضايفين » متعلّق بقوله : « وتتحفّظ » وقوله : « في أنواعه » متعلّق بـ « الإضافة » أي الإضافة الحاصلة في أنواع السبق ، بمعنى أنّ النسبة بين النوعين من أنواع السبق محفوظة بين النوعين من أنواع التأخّر اللّذين هما متضايفان لهما ، فالضمير راجع إلى السبق (٢).
وهذا أولى بلا تشكيك ؛ حذرا من التفكيك الركيك اللازم على تقدير إرجاع
__________________
(١) انظر : « المشارع والمطارحات » ضمن « مصنّفات شيخ الإشراق » ١ : ٣٠٣ وما بعدها.
(٢) « شوارق الإلهام » الفصل الأوّل ، المسألة السادسة والعشرون.