بدون الزمان ؛ لأنّ القديم يقال بالمجاز على ما يستطال زمان وجوده في جانب الماضي ، والمحدث على ما لا يستطال زمانه.
قال : ( والحدوث الذاتيّ متحقّق ).
أقول : الحدوث الذاتي عبارة عن مسبوقيّة وجود الشيء بالعدم الذاتي ، وتأخّر وجوده عن عدمه بالذات ، ولا شكّ أنّ ذات الممكن لا تقتضي الوجود ولا العدم ، فله بحسب الذات وعدم وجود علّته العدم المستند إلى عدم العلّة من جهة ملاحظة ذاته ؛ لكفاية عدم العلّة في العدم دون الوجود ؛ إذ لا بدّ في وجوده من وجود علّته ، فبعد وجود علّته يوجد ، فيكون وجوده مسبوقا بالعدم الذاتي وبوجود علّته المتقدّم بالذات ، وهو معنى الحدوث الذاتي ، فهو متحقّق قطعا.
قال : ( والقدم والحدوث اعتباريّان عقليّان ينقطعان بانقطاع الاعتبار ).
أقول : ذهب المحقّقون إلى أنّ القدم والحدوث ليسا من المعاني المتحقّقة في الأعيان (١).
وذهب عبد الله بن سعيد من الأشعريّة ـ على ما حكي ـ إلى أنّهما وصفان زائدان على الوجود (٢).
والحقّ خلاف ذلك ، وأنّهما اعتباران عقليّان يعتبرهما الذهن عند مقايسة سبق الغير إلى الوجود وعدمه ؛ لأنّهما لو كان ثبوتيّين لزم التسلسل ؛ لأنّ الموجود من كلّ واحد منهما إمّا أن يكون قديما أو حادثا ، فيكون للقدم قدم أو حدوث ، وكذا الحدوث ، ثمّ ننقل الكلام إلى قدم القدم وحدوث الحادث ـ مثلا ـ حتّى يتسلسل ، فلا يكون القدم والحدوث من الأمور المتحقّقة ، بل هما عقليّان يعتبرهما العقل
__________________
(١) انظر : « نهاية المرام في علم الكلام » ١ : ٢٢١ ؛ « مناهج اليقين » : ٢١.
(٢) « نهاية المرام في علم الكلام » ١ : ٢٢١ ؛ « مناهج اليقين » : ٢١ ، وقد نسب العلاّمة فيهما القول بزيادة القدم فقط إلى عبد الله بن سعيد. والقول بزيادة المحدث إلى الكرامية ، وهكذا في « المحصّل » : ٢١٤.
نعم ، حكى القولين عنه في « كشف المراد » : ٢١٤.