وينقطعان بانقطاع الاعتبار العقلي.
وينقطعان بانقطاع الاعتبار العقلي.
وهذا جواب عن سؤال مقدّر ، وهو أن يقال : إذا كان القدم والحدوث أمرين ثبوتيّين في العقل ، أمكن عروض القدم والحدوث لهما ، ويعود المحذور من التسلسل.
وتقرير الجواب : أنّهما اعتباران عقليّان ينقطعان بانقطاع الاعتبار ، فلا يلزم التسلسل.
قال : ( وتصدق المنفصلة الحقيقيّة منهما ).
أقول : الموجود إمّا قديم أو حادث ؛ لامتناع خلوّه عن القدم والحدوث ؛ لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون مسبوقا بغيره أو لا ، والأوّل حادث ، والثاني قديم ، ولا يجتمعان في شيء واحد ؛ لاستحالة اجتماع النقيضين ، فإذن لا يجتمعان ولا يرتفعان ، فتركيب المنفصلة الحقيقيّة يحصل منهما.
قال : ( ومن الوجوب الذاتي والغيري ).
أقول : الشيء الواحد إذا كان واجبا لذاته استحال أن يكون واجبا لغيره.
إذا عرفت هذا ، فنقول : المنفصلة الحقيقيّة ـ التي يمنع فيها الجمع والخلوّ ـ صادقة على الموجود إذا لوحظ مع الوجوب بالذات والوجوب بالغير أيضا ، بأن يقال : الموجود إمّا واجب لذاته أو واجب لغيره ؛ لامتناع صدقهما على شيء واحد وكذبهما عليه ؛ وذلك لأنّ الموجود إمّا مستغن عن الغير أو محتاج إليه ، لا واسطة بينهما ، والأوّل واجب بالذات ، والثاني واجب بالغير.
وإنّما امتنع الجمع بينهما ؛ لأنّه لو كان شيء واحد واجبا بذاته وبغيره معا لزم المحال ؛ لأنّ الواجب بغيره يرتفع بارتفاع غيره ، والواجب بالذات لا يرتفع بارتفاع غيره ، فلو كان شيء واحد واجبا بذاته وبغيره لزم اجتماع النقيضين ، وهو محال.
وإنّما امتنع الخلوّ عنهما ؛ لأنّ الموجود إن كان واجبا ، صدق أحد الجزءين ، وإن كان ممكنا استحال وجوده إلاّ بعد وجود الفاعل ، فيصدق الجزء الآخر.