بالذات واجبا بالذات ؛ لأنّ كلّ جزء لا بدّ أن يكون بلا تعدّد ، فإذا كان التعدّد لازما لذات الواجب حيث لم يكن في مقام الذات إلاّ الذات ، يلزم من انتفائه انتفاء الملزوم ، وهو أصل الجزء ، فيلزم انتفاء الكلّ وعدمه ، فيلزم عدم كون الواجب واجبا.
وكذا لا سبيل إلى الثاني (١) ؛ لاستلزام إمكان الجزء إمكان الكلّ ، وعدم كون الواجب بالذات واجبا بالذات ، كما لا يخفى ، فتعيّن الثالث ، وهو كون التعدّد ممتنعا ، وهو المطلوب ؛ فإنّ المراد أنّ الواجب بالذات يستحيل أن يكون مركّبا من الأجزاء العقليّة والخارجيّة التي هي بإزاء الأجزاء العقليّة ـ أعني المادّة والصورة ـ والخارجيّة العنصريّة من الرئيسيّة ، كالرأس والعنق والكبد ، وغيرها ، كاليد والرّجل ونحوهما ممّا لا ينتفي الكلّ بانتفائه.
وهذا مستفاد ممّا ذكرنا ، وهو خاصّة أولى ، مضافا إلى أنّ التركّب الحقيقي موجب للافتقار المنافي لوجوب الوجود بالبديهة ولو كان من الأجزاء العقليّة ، والاعتباري غير قادح ، كفرض شريك البارئ.
قال : ( ولا يكون الذاتي جزءا من غيره ).
أقول : هذه خاصّيّة ثانية للواجب ظاهرة ، وهي أنّ الواجب لذاته لا يتركّب عنه غيره ، وهو ظاهر ؛ لأنّ التركّب إمّا أن يكون حسّيّا ،
وهو إنّما يكون بانفعال كالمزاج ، أو يكون عقليّا بحيث يحصل من المركّب حقيقة واحدة ، كتركيب الشخص من المادّة والصورة ، وتركيب الماهيّة من الأجناس والفصول.
والكلّ ظاهر الاستحالة ؛ لاستلزام الأوّل التغيّر المستلزم للحدوث والإمكان ، والثاني الافتقار المنافي لوجوب الوجود ، كالأوّل.
قال : ( ولا يزيد وجوده عليه ، وإلاّ لكان ممكنا ).
أقول : هذه خاصّيّة ثالثة ، وهي أنّ وجود واجب الوجود لذاته نفس حقيقته.
__________________
(١) أي عند ما يكون تعدّد الجزء ممكنا بالذات.