لناصر الدين.
ولمّا سمع علاء الدين محمّد زعيم الإسماعيليّين بنزول الطوسي على واليه ناصر الدين طلبه ، فأجاب المحقّق الطوسي دعوته ، واستقبله الزعيم الإسماعيلي استقبالا حافلا بالتكريم والحفاوة.
بقي الطوسي مع ركن الدين بعد وفاة والده علاء الدين في قلعة ألموت إلى أن استسلم الإسماعيليون للمغول ، حيث سار علاء الدين بصحبة أولاده ونصير الدين الطوسي والوزير مؤيّد الدين والطبيبان ، وقتل هولاكو علاء الدين ومن معه إلاّ الطوسي والطبيبين (١).
الطوسي والمغول
لمّا صار الطوسي تحت قبضة هولاكو فكّر في أن يعمل شيئا ، فعزم على أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من التراث العلمي وأهل العلم ، فاستطاع بحنكته أن يحوّل هؤلاء المتوحّشين ـ الذين قصدوا إشاعة الدمار والخراب في البلدان الإسلامية ـ إلى أناس يعتنقون الإسلام ويدعون له.
يقول الدكتور علي أكبر فيّاض :
« وكانت النهضة الإسماعيليّة في قمّة نشاطها في ذلك العصر ، وكانت لهم مشاركة تامّة في دراسة الفلسفة والنهوض بها ؛ للاستفادة منها في تقرير أصولهم وإثبات دعاويهم ، وقد أسّسوا لهم في قلعة ألموت في جبال قزوين مكتبة عظيمة بادت على أيدي المغول. وكان يعيش في رعاية الإسماعيليّين رجل يعدّ من أكبر المشتغلين بالعلوم العقلية بعد ابن سينا ، ألا وهو نصير الدين الطوسي ، قدّر لهذا الرجل العظيم أن يقوم بإنقاذ التراث الإسلامي من أيدي المغول ... لقد فرض إليه هولاكو أمر أوقاف البلاد فقام بضبطها وصرفها على إقامة المدارس والمعاهد العلمية ، وجمع العلماء والحكماء وتعاون معهم في إقامة رصد كبير في مراغة بآذربيجان ومكتبة بجانبه يقال : إنّها كانت تحوي ٤٠٠ ألف من المجلّدات » (٢).
__________________
(١) انظر « أعيان الشيعة » ٩ : ٤١٦ ـ ٤١٨ والطبيبان هما : موفّق الدولة ، ورئيس الدولة.
(٢) « محاضرات عن الأدب الفارسي والمدنيّة الإسلامية » نقلا عن « أعيان الشيعة » ٩ : ٤١٦.