جميع الجهات ؛ إذ النقص مستلزم للعدم.
قال : ( والوجود المعلوم هو المقول بالتشكيك ، أمّا الخاصّ به فلا ).
أقول : هذا جواب عن الاستدلال على زيادة الوجود في حقّ واجب الوجود.
وتقرير الدليل أن نقول : ماهيّة الله تعالى غير معلومة للبشر على ما يأتي ، والوجود معلوم ، فينتج من الشكل الثاني أنّ الماهيّة غير الوجود.
وتقرير الجواب عنه أن نقول : إنّا قد بيّنّا أنّ الوجود مقول بالتشكيك على ما تحته ، والمقول على الأشياء بالتشكيك يمتنع أن يكون نفس الحقيقة أو جزءا منها ، بل يكون دائما خارجا عنها لازما لها ، كالبياض المقول على بياض الثلج وبياض العاج ، لا على السواء ، فهو ليس بماهيّة ولا جزء ماهيّة لهما بل هو لازم من خارج ؛ وذلك لأنّ بين طرفي التضادّ الواقع في الألوان أنواعا من الألوان لا نهاية لها بالقوّة ولا أسامي لها بالتفصيل يقع على كلّ جملة منها اسم واحد بمعنى واحد كالبياض أو الحمرة أو السواد بالتشكيك ، ويكون ذلك المعنى لازما لتلك الجملة غير مقوّم ، فكذلك الوجود في وقوعه على وجود الواجب وعلى وجود الممكنات المختلفة بالهويّات التي لا أسماء لها بالتفصيل ، فإنّه يقع عليها وقوع لازم خارجيّ غير مقوّم ، فالوجود يقع على ما تحته بمعنى واحد ، ولا يلزم من ذلك تساوي ملزوماته التي هي وجود الواجب ووجود الممكنات في الحقيقة ؛ لأنّ مختلفات الحقيقة قد تشترك في لازم واحد ، كالشمس والنار والحركة في الحرارة ، فالحقيقة التي لا تدركها العقول هي الوجود الخاصّ المخالف لسائر الوجودات بالهويّة ، الذي هو المبدأ الأوّل ، والوجود المعقول هو الوجود العامّ اللازم لذلك الوجود ولسائر الوجودات ، وهو أوّليّ التصوّر. وإدراك اللازم لا يقتضي إدراك الملزوم بالحقيقة ، وإلاّ لوجب من إدراك الوجود إدراك جميع الوجودات الخاصّة. وكون حقيقته تعالى غير مدركة وكون الوجود مدركا يقتضي المغايرة بين حقيقته تعالى والوجود المطلق لا الوجود الخاصّ به تعالى.