قال : ( وتأثير الماهيّة ـ من حيث هي ـ في الوجود غير معقول ).
أقول : لمّا أبطل استدلالاتهم شرع في إبطال الاعتراض الوارد على دليله ، وقد ذكر هنا أمرين :
أحدهما : أنّهم قالوا : لا نسلّم انحصار أحوال الماهيّة حالة التأثير في الوجود والعدم ، بل جاز أن تكون الماهيّة من حيث هي مؤثّرة في الوجود ، فلا يلزم التسلسل ولا تأثير المعدوم في الوجود.
والجواب : أنّ الماهيّة من حيث هي هي يجوز أن تقتضي صفات لها على سبيل العلّيّة والمعلوليّة إلاّ الوجود ؛ فإنّه يمتنع أنّ تؤثّر فيه من حيث هي هي ؛ لأنّ الوجود لا يكون معلولا لغير الموجود بالضرورة ، فتلزم المحاذير المذكورة ، والضرورة فرّقت بين الوجود وسائر الصفات.
قال : ( والنقض بالقابل ظاهر البطلان ).
أقول : هذا جواب عن السؤال الثاني.
وتقريره : أنّ ما ذكر في إثبات عينيّة وجود الواجب منقوض بقابل الوجود وهو الممكن ؛ فإنّ الممكن المعدوم لو لم يقبل الوجود إلاّ بشرط الوجود ، لزم تقدّم الشيء على نفسه أو تعدّد الوجودات للماهيّة الواحدة ، والكلّ محال ، وإذا كان كذلك ، فلم لا يعقل مثله في العلّة الفاعليّة؟
والجواب : أنّ معطي الوجود ومفيده لا بدّ أن يكون موجودا ببديهة العقل ؛ إذ لا يعقل تأثير الماهيّة بدون وجودها لا في وجود نفسها ولا في وجود غيرها ، بخلاف قابل الوجود ؛ فإنّه مستفيد له ، وإنّما يتجرّد عن الوجود في العقل لا بمعنى أنّه يكون في العقل منفكّا عن الوجود ؛ لأنّ الحصول في العقل نوع من الوجود ، بل بمعنى أنّ العقل يلاحظه منفردا عن الوجود والعدم ؛ حذرا عن حصول الحاصل واجتماع المتنافيين.
والحاصل : أنّ الماهيّة إنّما تكون قابلة للوجود عند وجودها في العقل فقط ،