الموجودة في الذهن بشرط كونها موجودة فيه حتّى يلزم اجتماع النقيضين ، بل يلزم من كون الماهيّة من حيث هي محكوما عليها بالسلب وجودها في الذهن ، ولا محذور فيه ؛ فإنّ سلب الوجود عن الماهيّة في الجملة لا يناقض وجودها في زمان كونها محكوما عليها ، فلا يلزم اجتماع النقيضين.
قال : ( والحمل والوضع من المعقولات الثانية ، يقالان بالتشكيك ، وليست الموصوفيّة ثبوتيّه ، وإلاّ تسلسل ).
أقول : الحمل والوضع من الأمور المعقولة ، وليس في الخارج حمل ولا وضع ، بل الثابت في الخارج هو الإنسان والكتابة.
وأمّا صدق الكاتب على الإنسان فهو أمر عقليّ ، ولهذا حكمنا بأنّ الحمل والوضع من المعقولات الثانية العارضة للمعقولات الأولى من حيث هي في العقل ، ويقالان على أفرادهما بالتشكيك ؛ فإنّ استحقاق بعض المعاني للحمل أولى من البعض الآخر ، وكذا الوضع. وإذا قلنا : « الجسم أسود » فقد حكمنا على الجسم بأنّه موصوف بالسواد ، والموصوفيّة أمر اعتباريّ ذهنيّ لا خارجيّ حقيقيّ ؛ لأنّ الموصوفيّة لو كانت وجوديّة لزم التسلسل.
وبيان الملازمة : أنّها لو كانت خارجيّة لكانت عرضا قائما بالمحلّ ، فاتّصاف محلّها بها يستدعي موصوفيّة أخرى ، فنقل الكلام إليها ويتسلسل.
المسألة الرابعة والثلاثون : في انقسام الموجود إلى ما بالذات وإلى ما بالعرض.
قال : ( ثمّ الموجود قد يكون بالذات وقد يكون بالعرض ).
أقول : الموجود إمّا أن يكون له حصول مستقلّ في الأعيان أو لا يكون.
والأوّل هو الموجود بالذات ، سواء كان جوهرا أو عرضا ؛ فإنّ العرض وإن كان لا يوجد إلاّ بمحلّه لكنّه موجود حقيقة ، فإنّ وجود العرض ليس هو بعينه وجود