المحلّ ؛ إذ قد يوجد المحلّ بدون العرض ثمّ يوجد بعد ذلك العرض فيه ، كالجسم إذا دخل فيه السواد بعد أن لم يكن.
والثاني هو الموجود بالعرض كأعدام الملكات ، فإنّ الأعمى موجود بالعرض ، بمعنى أنّ ما صدق عليه موجود. وكذا الأمور الاعتباريّة الذهنيّة التي لا تحقّق لها في الأعيان ويقال : إنّها موجودة في الأعيان بالعرض.
قال : ( وأمّا الوجود في الكتابة والعبارة فمجازيّ ).
أقول : للشيء وجود في الأعيان ووجود في الأذهان ، وقد سبق البحث فيهما ، ووجود في العبارة ووجود في الكتابة.
والذهني يدلّ على ما في العين ، والعبارة تدلّ على الأمر الذهني ، والكتابة تدلّ على العبارة لكنّ الوجودين الأوّلين حقيقيّان ، والباقيين مجازيّان ؛ إذ لا يحكم العاقل بأنّ زيدا ـ مثلا ـ موجود في اللفظ والكتابة ؛ لأنّ العبارة صوت موضوع بإزائه ، والكتابة نقش موضوع بإزاء اللفظ الدالّ عليه ، ولكن لمّا دلاّ عليه ، حكم على سبيل المجاز أنّه موجود فيهما.
والسرّ في تسمية هذا الوجود مجازا ، وما تقدّم وجودا بالعرض ، أنّ جعل ذات الشيء موجودا باعتبار أنّ الدالّ عليها موجود في العبارة أو الكتابة أبعد من جعل المحمول على الموجود موجودا باعتبار كونه محمولا عليه ، فسمّي أحدهما موجودا بالعرض والآخر موجودا بالمجاز ؛ تنبيها على التفاوت بينهما.
المسألة الخامسة والثلاثون : في عدم جواز إعادة المعدوم.
قال : ( والمعدوم لا يعاد ؛ لامتناع الإشارة إليه ، فلا يصحّ الحكم عليه بصحّة العود ).
أقول : ذهب جماعة من الحكماء والمتكلّمين إلى أنّ المعدوم بعينه وبجميع عوارضه المشخّصة لا يعاد.