ليست بالماهيّة ولا بالوجود وصفات الوجود ، بل بالقبليّة والبعديّة لا غير ، فيكون للزمان زمان آخر يوجد فيه تارة ويعدم أخرى ، وذلك يستلزم التسلسل.
قال : ( والحكم بامتناع العود لأمر لازم للماهيّة ).
أقول : هذا جواب عن استدلال من ذهب إلى إمكان إعادة المعدوم.
وتقرير الدليل : أنّ الشيء بعد العدم إن استحال وجوده لماهيّة أو لشيء من لوازمها ، وجب امتناع مثله الذي هو الوجود المبتدأ ، وإن كان لأمر غير لازم بل لعارض ، فعند زوال ذلك العارض يزول الامتناع.
وتقرير الجواب : أنّ الشيء بعد العدم ممتنع الوجود المقيّد ببعديّة العدم ، وذلك الامتناع من جهة ما هو لازم للماهيّة الموصوفة بالعدم بعد الوجود ، وهو كونها قد طرأ عليها العدم ، وامتناع العود بسبب هذا اللازم لا يقتضي امتناع وجوده ابتداء ؛ لعدم تحقّق سبب الامتناع ـ أعني هذا اللازم ـ هناك.
نعم ، إيجاد مثل الموجود أوّلا ممكن ، وهو غير إعادة المعدوم ، كما هو معلوم.
المسألة السادسة والثلاثون : في قسمة الموجود إلى الواجب والممكن ، وأنّ الممكن محتاج إلى المؤثّر ضرورة.
قال : ( وقسمة الموجود إلى الواجب والممكن ضروريّة وردت على الموجود من حيث هو قابل للتقييد وعدمه ).
أقول : العقل يحكم ـ حكما ضروريّا ـ أنّ الموجود إمّا أن يكون مستغنيا عن غيره أو محتاجا ، والأوّل واجب ، والثاني ممكن.
وهذه قسمة ضروريّة لا يفتقر فيها إلى برهان.
وليست القسمة واردة على مطلق الموجود من حيث هو موجود مطلق ؛ فإنّ الشيء من حيث هو ذلك الشيء يستحيل أن ينقسم إلى متنافيين هما غير ذلك الشيء ، وإذا اعتبرت قسمته فلا تؤخذ مع هذه الحيثيّة ، بل يؤخذ الشيء من غير