تقييد بشرط مع تجويز التقييد بالقيود المتقابلة ، ويقسم ، فينضاف إلى مفهومه مفهومات أخر ، ويصير مفهومه مع كلّ واحد من تلك المفهومات قسما.
قال : ( والحكم على الممكن بإمكان الوجود حكم على الماهيّة لا باعتبار العدم والوجود ).
أقول : هذا جواب شكّ يتوجّه في المقام ، وهو أنّ القسمة إلى الواجب والممكن فرع الحكم على الممكن بإمكان الوجود ، وهو غير ممكن ؛ لأنّ كلّ ماهيّة إمّا موجودة فلا تقبل العدم ، وإمّا معدومة فلا تقبل الوجود ؛ وإلاّ اجتمع النقيضان.
وتقرير الجواب : أنّ المحكوم عليه هو الماهيّة من حيث هي ، لا باعتبار الوجود أو العدم حتّى يلزم اجتماع النقيضين ، كما مرّ مثله.
قال : ( ثمّ الإمكان قد يكون آلة في التعقّل ، وقد يكون معقولا باعتبار ذاته ).
أقول : هذا جواب شكّ آخر ، وهو أنّه لو اتّصف شيء بالإمكان لوجب اتّصافه به ، وإلاّ لأمكن زوال الإمكان عن ماهيّة الممكن ، وهو محال ؛ لأنّ الإمكان من لوازم ماهيّة الممكن ، ووجب اتّصافه بذلك الوجوب أيضا ، وكذا بوجوب الوجوب (١) وهكذا حتّى تتسلسل الوجوبات ؛ حذرا عن المحذور المذكور.
وتقرير الجواب : أنّ هذا التسلسل ـ كالتسلسل في كثير من المفهومات كاللزوم والحدوث والوحدة ـ تسلسل في الأمور الاعتباريّة ، وربّما تنقطع السلسلة بحسب انقطاع الاعتبار.
بيانه : أنّ كون الشيء معقولا ، ينظر فيه العقل ويعتبر فيه وجوده ولا وجوده ، غير كونه آلة للتعقّل ، ولا ينظر فيه من حيث ينظر فيما هو آلة لتعقّله ، بل إنّما ينظر إليه من حيث هو هو ، مثلا : العاقل يعقل السماء بصورة في عقله ويكون معقوله السماء ، ولا ينظر حينئذ في الصورة التي بها يعقل السماء ولا يحكم عليها بحكم ، بل يعقل أنّ المعقول بتلك الصورة هو السماء وهو جوهر ، ثمّ إذا نظر في تلك الصورة وجعلها
__________________
(١) في « ج » : « الوجود » بدل « الوجوب ».