قال : ( والمؤثّر يؤثّر في الأثر لا من حيث هو موجود ولا من حيث هو معدوم ).
أقول : هذا جواب عن سؤال آخر لهم (١).
وتقرير السؤال : أنّ المؤثّر إمّا أن يؤثّر في الأثر حال وجوده أو حال عدمه ، والقسمان باطلان فالتأثير باطل.
أمّا بطلان الأوّل : فلاستلزامه تحصيل الحاصل.
وأمّا بطلان الثاني : فلأنّ حال العدم لا أثر فلا تأثير ؛ لأنّ التأثير إن كان غير حصول الأثر عن المؤثّر فحيث لا أثر فلا تأثير ، وإن كان مغايرا فالكلام فيه كالكلام في الأوّل ، مضافا إلى لزوم الجمع بين النقيضين.
وتقرير الجواب أن نقول : إن أردت بحال وجود الأثر زمان وجوده ، فليس بمستحيل أن يؤثّر في الأثر في زمان وجود الأثر ؛ لأنّ العلّة مع المعلول تكون بهذه الصفة ؛ لأنّ ذلك تحصيل للحاصل بهذا التحصيل ، لا لما كان حاصلا قبل هذا التحصيل. وإن أردت به مقارنة المؤثّر للأثر ، الذاتيّة ، فذلك مستحيل.
والحاصل : أنّ المؤثّر إنّما يؤثّر فيه لا من حيث هو موجود حتّى يلزم تحصيل الحاصل ، ولا من حيث هو معدوم حتّى يلزم جمع النقيضين ، بل يؤثّر من حيث هو غير مقيّد بشيء من الوجود والعدم ، فلا يلزم محال.
قال : ( وتأثيره في الماهيّة ويلحقه وجوب لاحق ).
أقول : هذا جواب عن سؤال ثالث لهم (٢).
وتقريره : أنّ المؤثّر إمّا أن يؤثّر في الماهيّة أو في الوجود أو في اتّصاف الماهيّة بالوجود ، والأقسام كلّها باطلة فالتأثير باطل.
أمّا الأوّل : فلأنّ كلّ ما بالغير يرتفع بارتفاعه ، لكن ذلك محال ؛ لأنّ صيرورة الماهيّة غير الماهيّة محال ؛ لاستحالة سلب الشيء عن نفسه في غير المعدوم.
__________________
(١) راجع « المحصّل » : ١٩٨.
(٢) راجع « المحصّل » : ١٩٨ ـ ٢٠١.