وأمّا الثاني : فلأنّه يلزم ارتفاع الوجود عند ارتفاع المؤثّر ، ويلزم ما تقدّم من المحال.
وأمّا الثالث : فلأنّ الموصوفيّة ليست بثبوتية (١) ، وإلاّ لزم التسلسل ، فلا تكون أثرا.
سلّمنا ، لكنّ المؤثّر يؤثّر في ماهيّتها أو في وجودها أو في اتّصاف ماهيّتها بوجودها ، ويعود المحال.
وتقرير الجواب : أنّ المؤثّر يؤثّر في الماهيّة بجعلها موجودة لا جعلها إيّاها ؛ لعدم تصوّر توسّط الجعل بين الشيء ونفسه كما حكي (٢) عن أبي عليّ أنّه سئل عن هذه المسألة ـ وقد كان يأكل المشمش ـ فقال : الجاعل لم يجعل المشمش مشمشا بل جعل المشمش موجودا ، أو بالجعلين معا ، وبعد تعلّق الجعل بالماهيّة يجب تحقّقها وجوبا لاحقا مترتّبا عليه.
قال : ( وعدم الممكن يستدعي عدم علّته ، على ما مرّ ).
أقول : هذا جواب عن سؤال أخر (٣).
وتقريره : أنّ الممكن لو افتقر في طرف الوجود إلى المؤثّر لافتقر في طرف العدم أيضا إليه ؛ لتساويهما بالنسبة إليه ، والتالي باطل ؛ لأنّ المؤثّر لا بدّ له من أثر ، والعدم نفي محض ، فيستحيل استناده إلى المؤثّر.
وتقرير الجواب : أنّ عدم الممكن المتساوي ليس نفيا محضا بل هو عدم ملكة. وتساوي طرفي وجوده وعدمه إنّما يكون في العقل. والمرجّح لطرف الوجود لا بدّ أن يكون موجودا في الخارج ، كما مرّ ، وأمّا في العدم فلا يكون إلاّ عقليّا ، وهو عدم العلّة ، وعدم العلّة ليس بنفي محض ، وهو يكفي في الترجيح العقلي ، ولامتيازه عن
__________________
(١) في نسخة الأصل : « ثبوتيّة ».
(٢) حكاه القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٦٩ واللاهيجي في « شوارق الإلهام » الفصل الأوّل ، المسألة الخامسة والثلاثون.
(٣) راجع « المحصّل » : ٢٠١.