الحدوث المخلّ.
نعم ، الحدوث الذاتي واقع ، ولكنّه غير قادح.
ويمكن أيضا أن يقال : إنّ المختار الموجب ـ بكسر الجيم ـ كالموجب ـ بفتح الجيم ـ في جواز الاستناد إليه.
ومنع الإمام الرازي استناده إلى الموجب أيضا استنادا إلى أنّ التأثير في حال البقاء تحصيل للحاصل ، وفي حال العدم أو الحدوث يستلزم الحدوث وعدم القدم (١) مردود : بأنّ إفادة البقاء للباقي بهذا البقاء ليس تحصيلا لما كان حاصلا قبل ، بل هو تحصيل للحاصل بذلك التحصيل ، وهو غير محال.
المسألة الثامنة والثلاثون : في نفي قديم ثان.
قال : ( ولا قديم سوى الله ؛ لما يأتي ).
أقول : القديم بالذات لا يوصف به سوى ذات الله تعالى بلا خلاف. وأمّا القديم الزماني ففيه خلاف ؛ إذ قد خالف في هذا جماعة كثيرة :
أمّا الفلاسفة فظاهر ؛ لقولهم بقدم أصل العالم من العقول والنفوس السماويّة والأجسام الفلكية والعنصرية (٢).
وأمّا المسلمون فالأشاعرة أثبتوا ذاته تعالى وصفاته في الأزل كالقدرة والعلم والحياة والوجود والبقاء وغير ذلك من الصفات على ما يأتي.
وأبو هاشم ـ على ما حكي ـ أثبت أحوالا خمسة ؛ فإنّه علّل القادريّة والعالميّة والحيّيّة والموجوديّة بحالة خامسة مميّزة للذات ، وهي الإلهيّة.
وأمّا الحرنانيّون (٣) فقد أثبتوا ـ على ما حكي ـ خمسة من القدماء : اثنان حيّان
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما لدينا من مصنّفات الفخر الرازي ، نقله عنه القوشجي أيضا في « شرح تجريد العقائد » : ٧١.
(٢) « حكمة الإشراق » ضمن « مجموعة مصنّفات شيخ الإشراق » ٢ : ١٧٢ ـ ١٨٦ ؛ « شرح حكمة الإشراق » : ٣٩١ ، طبعة حجرية.
(٣) الحرنان : رجل من المجوس ادّعى النبوّة. ( منه رحمهالله ).