باطل (١) فتأمّل.
والتحقيق أنّ المستفاد من العقل والنقل أنّ أفعال الله تعالى على أقسام :
منها : ما لا يكون مسبوقا بمادّة ولا مدّة ، وهو الإنشاء والاختراع ، كإيجاد العقل الأوّل عند الحكماء ، وإيجاد النور الأحمدي عند أهل الشرع (٢).
ومنها : ما يكون مسبوقا بمادّة دون المدّة وهو الإبداع ، كإيجاد الماء والأرض والسماء والعرش الكرسيّ عند المحقّقين من العلماء ؛ فإنّه مسبوق بمادّة ـ أعني الجوهر المخلوق من النور الأحمدي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وغير مسبوق بمدّة ؛ فإنّها عبارة عن الزمان ، والزمان منتزع عن حركة الفلك الأعظم عند الحكماء ، وهو المسمّى بالعرش عند أهل الشرع (٣).
ومنها : ما يكون مسبوقا بالمدة دون المادّة ، وهو المسمّى بالصنع ، كإيجاد النار والهواء.
ومنها : ما يكون مسبوقا بالمادّة والمدّة كلتيهما ، وهو المسمّى بالتكوين كإيجاد المواليد الثلاثة ، أعني الجمادات والنباتات والحيوانات.
ومنها : ما يكون مسبوقا بكمال المادّة ، وهو المسمّى بالتكليف المسبوق بكمال أمثال الإنسان بالعقل.
المسألة الأربعون : في أنّ ما ثبت قدمه امتنع عدمه ، وأنّ القديم لا يجوز عليه العدم.
قال : ( والقديم لا يجوز عليه العدم ؛ لوجوبه بالذات أو لاستناده إليه ).
أقول : المراد أنّ ما ثبت قدمه امتنع عدمه ؛ لأنّه إمّا واجب لذاته ، فامتناع عدمه
__________________
(١) راجع « كشف المراد » : ٨٣.
(٢) « حكمة الإشراق » : ١٢٦ ؛ « مصباح الأنس » : ٦٩ ـ ٧٠ ؛ « شرح فصوص الحكم » للقيصري ٢ : ٤٥٥.
(٣) « كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم » ٢ : ١١٧١.