فإنّ البسيط الإضافي أعمّ مطلقا من البسيط الحقيقي ، كما مرّ ، والمركّب الإضافي أخصّ مطلقا من المركّب الحقيقي ؛ لأنّ كلّ مركّب إضافيّ مركّب حقيقي من غير عكس ؛ لجواز أن لا يعتبر إضافة المركّب الحقيقي إلى جزئه.
وأورد عليه : بأنّ البسيط الحقيقي قد لا يكون بسيطا إضافيّا بأن لا يعتبر جزءا من شيء أصلا ، وأنّ النسبة بين البسيطين عموم من وجه ؛ لتصادقهما في بسيط حقيقيّ هو جزء من مركّب ، كالوحدة للعدد ، وصدق الحقيقي بدون الإضافي في بسيط حقيقيّ لا يتركّب منه شيء ، كالواجب ، وبالعكس في مركّب وقع جزءا لمركّب آخر ، كالجسم للحيوان. وبين المركّبين مساواة إن لم يعتبر في الإضافي اعتبار الإضافة ؛ لأنّ كلّ مركّب حقيقيّ لا بدّ أن يكون له جزء ، فيكون هو مركّبا إضافيّا بالقياس إلى ذلك الجزء وبالعكس ، وعموم مطلق إن اشترط ذلك ؛ لأنّ كلّ مركّب بالقياس إلى جزئه فهو مركّب حقيقيّ ، ولا ينعكس ؛ لجواز أن لا يعتبر في الحقيقيّ الإضافة إلى جزئه ، فيكون أعمّ مطلقا من الإضافي (١) وهو جيّد.
قال : ( وكما تتحقّق الحاجة في المركّب فكذا في البسيط ).
أقول : اختلفوا في أنّ الماهيّات الممكنة هل هي مجعولة بجعل جاعل أم لا؟
على أقوال ثلاثة ، واختار المصنّف رحمهالله أنّ كلّها مجعولة من البسيط والمركّب (٢) ، فإنّ كلّ واحد منهما ممكن ، وكلّ ممكن على الإطلاق فإنّه محتاج إلى السبب ، فالحاجة ثابتة في كلّ واحد منهما ، فيكون المجعول ذات الممكن بإعطاء الوجود.
وعن بعض : أنّ الماهيّة غير مجعولة مطلقا ، مركّبة كانت أو بسيطة ، وإلاّ يلزم سلب الإنسانيّة عن نفسها عند عدم جعل الجاعل ، وسلب الشيء عن نفسه محال (٣).
__________________
(١) أورده القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٨٠.
(٢) نسبه التفتازاني إلى المتكلّمين في « شرح المقاصد » ١ : ٤٢٨.
(٣) نسب إلى جمهور الفلاسفة والمعتزلة ، كما في « شرح المقاصد » ١ : ٤٢٨ ؛ « شوارق الإلهام » المسألة الرابعة من الفصل الثاني.