وردّ : بأنّ المحال هو الإيجاب المعدول ، وأمّا سلب جميع الأشياء حتّى سلب نفسها عند عدم الجعل فلا (١).
وعن بعض الناس : احتياج المركّبة خاصّة إلى المؤثّر ؛ لأنّ علّة الحاجة هي الإمكان ، وهو أمر نسبيّ يقتضي الاثنينيّة ، فما لم تتحقّق الاثنينيّة لم تتحقّق الحاجة ، ولا اثنينيّة في البسيط فلا احتياج له (٢).
والجواب : أنّ الإمكان نسبة بين الماهيّة والوجود ، لا بين أجزاء الماهيّة حتّى يقتضي الاثنينيّة (٣).
وقد يقال : المجعوليّة بمعنى جعل الماهيّة تلك الماهيّة منتفية عن المركّبة والبسيطة ، وبمعنى جعل الماهيّة موجودة ـ بكون الماهيّات في كونها موجودة مجعولة ـ ثابتة لهما معا (٤).
والتحقيق أنّ الماهيّة ـ التي تعلّق بها علم الجاعل ـ جعلها الجاعل ماهيّة خارجيّة ، كما جعل الوجود ـ الذي تعلّق به علمه ـ وجودا خارجيّا ؛ لعدم صحّة السلب الخارجي ، ويكفي في صحّة توسّط الجعل التغاير الاعتباري ، فيتعلّق الجعل بالماهيّة المركّبة والبسيطة وبوجودهما الخارجي من جهة الإمكان ، فتتحقّق باعتباره الحاجة لكلّ واحد منهما إلى المؤثّر ، فيكون الجعل مركّبا بمعنى توسّطه بين الماهيّة ونفسها باعتبار التغاير الاعتباري ، وكذا الوجود ، بل بمعنى تعلّقه بمجموع الماهيّة والوجود أيضا ؛ لما ذكرنا ، فالقول بأنّ الجعل بسيط خطأ.
قال : ( وهما قد يقومان بأنفسهما ، وقد يفتقران إلى المحلّ ).
أقول : كلّ واحد من البسيط والمركّب قد يكون قائما بنفسه ، كالجوهر ، أو
__________________
(١) راجع « شرح المواقف » ٣ : ٤١ ؛ « شرح المقاصد » ١ : ٤٣١ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٨١.
(٢) « شرح المقاصد » ١ : ٤٢٨ ، وقد نسبه أيضا إلى البعض.
(٣) راجع « شرح تجريد العقائد » : ٨١.
(٤) القائل هو الشريف الجرجاني في « شرح المواقف » ٣ : ٥٣.