وغيره من العوارض إلى أمر مغاير لذواتها ، فإنّ كلّ واحد من الجزءين المتساويين كما يتمايز بنفسه عمّا يشاركه في الوجود ، كذلك المركّب منهما.
ولو افتقر كلّ مشارك في الوجود أو في غيره من الأعراض إلى فصل لزم التسلسل ، ولم يجعل كلّ منهما فصلا للمركّب ، ولم يكن المركّب فصلا لكلّ منهما ، لتساوي نسبته ونسبتهما إلى الموجد.
قال : ( وكلّ فصل تامّ فهو واحد ).
أقول : الفصل ، منه ما هو تامّ وهو كمال الجزء المميّز عن تمام المشاركات وهو الفصل القريب ، ومنه غير تامّ وهو الجزء الذاتي المميّز عن بعض المشاركات وهو الفصل البعيد. والأوّل لا يكون إلاّ واحدا ؛ لأنّه لو تعدّد لزم امتياز المركّب بكلّ واحد منهما ، فيستغني عن الآخر في التميّز ، فلا يكون فصلا ، ولأنّ الفصل علّة للحصّة فيلزم تعدّد العلل على المعلول الواحد ، وهو محال. أمّا الفصل الناقص ـ وهو جزء الفصل ـ فإنّه يكون متعدّدا ، كقابل الأبعاد والنامي.
قال : ( ولا يمكن وجود جنسين في مرتبة واحدة لماهيّة واحدة ).
أقول : الجنس للماهيّة قد يكون واحدا كالجسم الذي له جنس واحد هو الجوهر.
وقد يكون كثيرا كالحيوان الذي له أجناس كثيرة ، لكن هذه الكثرة لا يمكن أن تكون في مرتبة واحدة بأن لا يكون أحدهما جنسا للآخر ، وكان كلّ منهما جنسا عاليا مثلا ، بل يجب أن تكون مترتّبة في العموم والخصوص ، فلا يمكن وجود جنسين في مرتبة واحدة لنوع واحد ؛ لأنّ فصلهما إن كان واحدا كان جعل الجنسين جعلا واحدا ، وهو محال (١) ، وإن تغاير لم يكن النوع نوعا واحدا بل نوعين ، هذا خلف.
قال : ( فلا تركيب عقليّ إلاّ منهما ).
أقول : التركيب قد يكون عقليّا ، وقد يكون خارجيّا كتركيب العشرة من الآحاد.
__________________
(١) لأنّ الجنس الذي يكون تمام المشترك مثلا إذا حصل بالفصل ، يستحيل حصول تمام مشترك آخر ؛ لاستحالة تحصيل الحاصل. ( منه قدسسره ).