فلا يكون نوعا من العدد كالواحد الذي هو الفرد الأوّل (١).
وهو خطأ ؛ لأنّ خواصّ العدد موجودة فيه كما ذكرنا ، وتمثيله بالواحد لا يفيد اليقين ولا الظنّ ، فإذا انضمّ إليهما واحد آخر ، حصلت الثلاثة ، وهي نوع آخر من العدد ، فإذا انضمّ إليها واحد آخر ، حصلت الأربعة ، وهي نوع آخر مخالف للأوّل ، وعلى هذا كلّما زاد واحد حصل نوع آخر من العدد.
وهذه الأعداد أنواع مختلفة في الحقيقة ؛ لاختلافها في لوازمها ، كالصمم والمنطقيّة وأشباههما ، فلمّا كان الزائد غير متناه بل كلّ من له العقل يمكنه أن يزيد عليها واحدا ، فيحصل عدد آخر مخالف لما تقدّمه بالنوع ، كانت أنواع العدد غير متناهية.
قال : ( وكلّ واحد منها أمر اعتباريّ يحكم به العقل على الحقائق إذا انضمّ بعضها إلى بعض في العقل انضماما بحسبه ).
أقول : كلّ واحد من أنواع العدد أمر اعتباريّ ليس بثابت في الأعيان ، بل في الأذهان يحكم به العقل على الحقائق ، كأفراد الإنسان أو الفرس أو الحجر أو غيرها إذا انضمّ بعض تلك الأفراد إلى البعض ، سواء اتّحدت في الماهيّة أو اختلفت ، بل يوجد مجرّد الانضمام في العقل انضماما بحسب ذلك النوع من العدد ، فإنّه إذا انضمّ واحد إلى واحد حصل اثنان ، ولو انضمّت حقيقة مع حقيقة مع ثالثة حصلت الثلاثة ، وهكذا.
وإنّما لم يكن العدد ثابتا في الخارج ؛ لأنّه لو كان كذلك لكان عرضا قائما بالمحلّ ؛ لاستحالة جوهريّته واستقلاله في القيام بنفسه ؛ لأنّه لا يعقل إلاّ عارضا لغيره ، فذلك الغير إمّا أن تكون له وحدة باعتبارها يحلّ فيه [ العرض ] (٢) الواحد أو لا تكون.
__________________
(١) نسبه الشيخ الرئيس إلى البعض ، انظر : الفصل الخامس من المقالة الثالثة من إلهيّات « الشفاء » : ١٢٢.
(٢) ساقطة من الأصل ، أضفناها من « كشف المراد » : ١٠٥.