عدميّا ، أو يكونا وجوديّين ، ولا يمكن أن يكونا عدميّين ؛ لعدم التقابل بين الأمور العدميّة ؛ إذ لا تمايز في الأعدام إلاّ بتمايز المضاف إليه وله حكم نفسه.
وعلى الأوّل فإمّا أن يعتبر في العدمي محلّ قابل للوجودي أم لا ، والثاني هو الأوّل ، والأوّل هو الثاني.
وعلى الثاني إمّا أن يتوقّف تعقّل كلّ منهما على تعقّل الآخر أم لا ، والأوّل هو الرابع ، والثاني هو الثالث.
وقد يشترط في الضدّين أن يكون بينهما غاية الخلاف والبعد ، كالسواد والبياض.
وبعبارة أخرى : المتقابلان إمّا أن يوجدا باعتبار القول والعقد ، أو بحسب الحقائق أنفسها.
فعلى الأوّل كان تقابل السلب والإيجاب ، كقولنا : « زيد كاتب » « زيد ليس بكاتب » لأنّ الإيجاب والسلب أمران عقليّان واردان على النسبة التي هي عقليّة ، فإذا حصلا في العقل كان كلّ منهما عقدا ، أي اعتقادا قلبيّا ، وإذا عبّر عنهما بعبارة كان كلّ من العبارتين قولا.
وعن الشفاء أنّ معنى الإيجاب وجود أيّ معنى كان ، سواء كان باعتبار وجوده لنفسه أو وجوده لغيره. ومعنى السلب لا وجود أيّ معنى كان ، سواء كان لا وجوده في نفسه أو لا وجوده لغيره (١).
وعلى هذا لا يرد أنّ مثل مفهومي البياض واللابياض إذا لم تعتبر معهما نسبة لا يتصوّر فيهما سلب ولا إيجاب ، فلم يكن فيهما تقابل الإيجاب والسلب مع ظهور عدم ما عداه من الأقسام ، فيلزم وجود قسم خامس ، فافهم.
وعلى الثاني إمّا أن يكون أحدهما عدميّا أو يكونا وجوديّين ، والأوّل هو تقابل العدم والملكة ، و [ والثاني ] هو تقابل السلب والإيجاب.
__________________
(١) ورد نحوه في « الشفاء » المنطق ١ : ٣٤ من قسم العبارة.