وقد يقال : تقابل الإيجاب والسلب يسمّى بالتناقض ، سواء كان بين المفردات أو بين القضايا. ولكن لمّا لم يتعلّق غرض يعتدّ به بالتناقض بين المفردات ، خصّصوا نظرهم بالتناقض بين القضايا (١).
وتحقّق التناقض في المفردات لا يتوقّف على شرط ؛ فإنّ كلّ مفهوم دخل عليه حرف السلب يكون نقيضا للآخر من غير اشتراط بشرط ، بخلاف التناقض في القضايا ؛ فإنّه إنّما يتحقّق بثمانية شرائط :
الأوّل : وحدة الموضوع فيهما ، فلو قلنا : « زيد كاتب » « عمرو ليس بكاتب » لم يتناقضا وصدقا معا.
الثاني : وحدة المحمول ، فقولنا : « زيد كاتب » « زيد ليس بنجّار » لم يتناقضا ، وصدقا معا.
الثالث : وحدة الزمان ، فلو قلنا : « زيد موجود الآن » « زيد ليس بموجود أمس » أمكن صدقهما.
الرابع : وحدة المكان ، فلو قلنا : « زيد موجود في الدار » « زيد ليس بموجود في السوق » أمكن صدقهما.
الخامس : وحدة الإضافة ، فلو قلنا : « زيد أب لخالد » « زيد ليس بأب لعمرو » أمكن صدقهما.
السادس : وحدة الكلّ أو الجزء ، فلو قلنا : « الزنجي أسود » أي بعضه ، « الزنجي ليس بأسود » أي ليس كلّه ، كذلك أمكن صدقهما.
السابع : وحدة الشرط ، فلو قلنا : « الأسود قابض للبصر » أي بشرط السواد ، و « الأسود ليس بقابض للبصر » أي لا بشرط السواد ، أمكن صدقهما.
__________________
(١) نسبه القوشجي في « شرح عقائد التجريد » إلى بعض المحقّقين ، والظاهر أنّه الشريف الجرجاني في حاشيته على الشمسية. انظر في ذلك « شروح الشمسية » ٢ : ١١٧ ـ ١١٨.