المستقلّتين في معلول واحد شخصي ، لأنّه بكلّ واحد منهما واجب مستغن عن الآخر ، فيكون حال حاجته إليهما من جهة العلّيّة مستغنيا عنهما ؛ لكون كلّ منهما مستقلاّ بالعلّيّة ، هذا خلف.
قال : ( وفي الوحدة النوعيّة لا عكس ).
أقول : إذا كانت العلّة واحدة بالنوع كان المعلول كذلك ، ولا يجب من كون المعلول واحدا بالنوع كون العلّة كذلك ؛ فإنّ الأشياء المختلفة تشترك في لازم واحد ، كاشتراك الحركة والشمس والنار في الحرارة ؛ لأنّ المعلول يحتاج إلى مطلق العلّة ، وتعيين العلّة [ جاء ] (١) من جانب العلّة لا المعلول.
قال : ( والنسبتان من ثواني المعقولات ، وبينهما مقابلة التضايف ).
أقول : يعني أنّ نسبة العلّيّة والمعلوليّة من المعقولات الثانية ؛ لاستحالة وجود شيء في الأعيان ، وهو مجرّد علّيّة أو معلوليّة وإن كان معروضهما موجودا وبينهما مقابلة التضايف ؛ فإنّ العلّة علّة للمعلول ، والمعلول معلول للعلّة.
وقد نبّه بقوله : « وبينهما مقابلة التضايف » على امتناع كون الشيء الواحد بالنسبة إلى شيء واحد علّة ومعلولا ، وهو الدور المحال ؛ لأنّ كونه علّة يقتضي الاستغناء والتقدّم ، وكونه معلولا يقتضي الحاجة والتأخّر ، فيكون الشيء الواحد مستغنيا عن الشيء الواحد متقدّما عليه ومحتاجا إليه ومتأخّرا عنه ، وهذا خلف.
قال : ( وقد يجتمعان في الشيء الواحد بالنسبة إلى أمرين لا يتعاكسان فيهما ).
أقول : قد تجتمع نسبة العلّيّة والمعلوليّة في الشيء الواحد بالنسبة إلى أمرين ، فيكون علّة لأحد الشيئين ومعلولا للآخر ، كالعلّة المتوسّطة فإنّها معلولة للعلّة الأولى وعلّة للمعلول الأخير ، لكن بشرط أن لا يكون ذانك الأمران يتعاكسان في النسبتين ، بأن تكون العلّة الأولى معلولة للمعلول الأخير والمعلول الأخير علّة لها ، وإلاّ عاد الدور المحال ؛ لاستلزامه تقدّم الشيء على نفسه أو تأخّره عنها بمرتبتين
__________________
(١) الزيادة أثبتناها من « كشف المراد » : ١١٧.