لزم عدم المعلول ، فيكون عدم المعلول مستندا إلى ذلك العدم لا غير (١).
وفيه نظر ظاهر.
وبالجملة ، فإذا تقرّرت هذه المقدّمة فنقول : العلّة الوجوديّة يجب أن يكون معلولها وجوديّا ، لأنّه لو كان عدميّا لكان مستندا إلى عدم علّته ـ على ما قلنا ـ لا إلى وجود هذه العلّة ، والمعلول الوجودي يستند إلى العلّة الوجوديّة لا إلى العدميّة ؛ لأنّ تأثير المعدوم في الوجود غير معقول.
المسألة السادسة : في أنّ القابل لا يكون فاعلا.
قال : ( والقبول والفعل متنافيان مع اتّحاد النسبة ؛ لتنافي لازميهما ).
أقول : قال الحكماء بأنّ البسيط الحقيقي الذي لا تعدّد فيه أصلا ـ كالواجب تعالى ـ لا يكون مصدرا لأثر وقابلا له (٢) ، وبنوا على ذلك امتناع اتّصاف الواجب تعالى بصفات حقيقيّة زائدة على ذاته كما يقول الأشاعرة (٣).
واستدلّوا على ذلك : بأنّ القبول والفعل متنافيان ، يعني لا يجتمعان بل يتنافيان ، لكن مع اتّحاد النسبة ، يعني أن يكون الفاعل الذي تقع نسبة الفعل إليه [ هو ] بعينه القابل الذي تقع نسبة القبول إليه ؛ لتنافي لازميهما ، وهما الإمكان والوجوب ؛ وذلك لأنّ نسبة القابل إلى المقبول نسبة الإمكان ؛ لعدم وجوب وجود المقبول عند وجود القابل ، ونسبة الفاعل إلى المفعول نسبة الوجوب بوجوب وجود المفعول عند وجود الفاعل عند استقلاله ووجود شرائط التأثير وارتفاع موانعه ، فلو كان الشيء الواحد مقبولا لشيء ومعلولا له أيضا ، لزم أن تكون نسبة ذلك الشيء إلى فاعله بالوجوب
__________________
(١) انظر : « كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد » : ١٢٠.
(٢) لمزيد الاطّلاع حول هذا المبحث راجع « المباحث المشرقيّة » ١ : ٢٣٦ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ١٠٤ ؛ « شرح المواقف » ٤ : ١٣٣ ؛ « الأسفار الأربعة » ٢ : ١٧٦.
(٣) انظر : « شرح المقاصد » : ٤ : ٦٩ وما بعدها ؛ « شرح المواقف » ٨ : ١٠٤ وما بعدها.