وكذا ارتكاب المحرّمات وترك الواجبات ، فالوقوع شرعا كاشف عن الجواز عقلا (١).
فمدفوع بأنّ المعيار في الرجحان هو نظر الفاعل لا نفس الأمر ، ومثل ما ذكر راجح عند الفاعل وإن كان مرجوحا في نفس الأمر.
وأيضا ففي الإنسان مبادئ الأفعال كالشهوة للشهويّة ، والغضب للغضبيّة ، والعقل للعقليّة ، والوهم للوهميّة إلى غير ذلك ، فهو من حيث هو عاقل فاعل ، ومن حيث هو متوهّم فاعل آخر وهكذا. فتأخير الصلاة ـ مثلا ـ وإن كان مرجوحا من حيث هو عاقل إلاّ أنّه راجح من حيث هو متوهّم ، وطالب اللذّة الوهميّة من حيث هو كذلك ، وهكذا غيره لذلك أو لغيره كطلب الشهوة والغضب.
ومن جوّز الترجيح بلا مرجّح ـ كالأشاعرة ـ تمسّك برغيفي الجائع ، وطريقي الهارب ، وقدحي العطشان.
وأجيب : بأنّ المعتبر في التساوي والرجحان ما يكون عند الفاعل من حيث هو فاعل حين الشروع في الفعل ، لا ما يكون عند غيره أو في نفس الأمر أو عنده في غير وقت الشروع.
والتساوي المذكور فيما ذكر ممنوع ، مع أنّ نحو الهارب مضطرّ لا مختار.
والإنصاف أنّ الترجيح بلا مرجّح ـ بمعنى اختيار أحد المتساويين بلا مرجّح ـ لم يثبت قبحه وامتناعه عقلا ونقلا.
المسألة الثامنة : في أنّ مصاحب العلّة ليس بعلّة ، وكذا مصاحب المعلول ليس معلولا.
قال : ( ولا يجب صدق إحدى النسبتين على المصاحب ).
أقول : يعني به أنّ نسبة العلّيّة لا يجب صدقها على ما يصاحب العلّة ويلازمها ؛
__________________
(١) لم نعثر على قائل له بالخصوص ، وذكره التفتازاني في « شرح المقاصد » ١ : ٤٨٢.