ولمّا كان المبدأ واحدا كان التفاوت في الطرف الآخر الذي هو مقابل المبدأ ، فيلزم تناهي حركة الأكبر ، ويلزم منه تناهي حركة الأصغر ؛ لأنّها إنّما تزيد على حركة الأكبر بقدر زيادة مقداره على مقداره ، فيلزم تناهي ما فرض عدم تناهيه ، وهذا خلف.
قال العلاّمة رحمهالله : « وهاهنا سؤال صعب ، وهو أنّ التفاوت في التحريكين جاز أن يكون بحسب الشدّة (١).
وأجاب المصنّف قدسسره عن هذا السؤال في شرحه للإشارات : بأنّ المراد بالقوّة هنا هي التي لا نهاية لها بحسب المدّة والعدّة لا الشدّة (٢).
وفيه نظر ؛ لأنّ أخذ القوّة بحسب الاعتبارين لا ينافي وقوع التفاوت بالاعتبار الثالث ». (٣)
قال : ( والطبيعي (٤) يختلف باختلاف الفاعل ؛ لتساوي الصغير والكبير في القبول ، فإذا تحرّكا مع اتّحاد المبدأ ، عرض التناهي ).
أقول : هذا بيان استحالة القسم الثاني (٥) ، وهو أن تكون القوّة المؤثّرة فيما لا يتناهى طبيعيّة.
وتقريره : أنّ التأثير الطبيعي يختلف باختلاف الفاعل ، بمعنى أنّه كلّما كان الجسم أعظم مقدارا كانت الطبيعة أقوى تأثيرا ؛ لأنّ القوى الجسمانيّة إنّما تختلف باختلاف محالّها بالصغر والكبر ؛ لكونها متجزّئة بتجزئتها.
وأمّا قبول الحركة فالصغير والكبير متساويان فيه ؛ لأنّ ذلك للجسميّة ، وهي
__________________
(١) هذا الاعتراض أورده الفخر الرازي على ابن سينا كما في « شرح الإشارات والتنبيهات ».
(٢) « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٩٦.
(٣) « كشف المراد » : ١٢٦.
(٤) معطوف على قوله المتقدّم : « لأنّ القسريّ ».
(٥) انظر : « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٩٩ وما بعدها ، وقد قرّر المحقّق الطوسي هذا البرهان بعد بيان تمهيد ثلاث مقدّمات أتى بها ابن سينا.