باللحية فهو العادة ، وإن كان المبدأ الفكر فهو الخير المعلوم أو المظنون.
قال : ( وأثبتوا للطبيعيّات غايات وكذا للاتّفاقيّات ).
أقول : قد تطلق الغاية عند الحكماء (١) على ما ينتهي إليه الفعل ويتأدّى إليه وإن لم يكن مقصودا ، إذا كان بحيث لو كان الفاعل مختارا لفعل ذلك الفعل لأجله ، والغاية بهذا المعنى أعمّ من العلّة الغائيّة المحرّكة للفاعل على الفعل.
وبهذا الاعتبار أثبتوا للقوى الطبيعيّة غايات مع أنّه لا شعور لها ولا قصد ، وكذا للأسباب الاتّفاقيّة وهي الأفعال المؤدّية إلى ثمرة تأدية مساوية لعدمها أو أقلّ ، فإنّ ما يؤدّي تأدية دائميّة أو أكثريّة يسمّى سببا ذاتيّا ، وتسمّى غايته غاية ذاتيّة ، كما مرّ.
أمّا إثبات الغايات للحركات الطبيعيّة فقد تقدّم البحث فيه.
وأمّا العلل الاتّفاقيّة فقد نفاها قوم (٢) ؛ لأنّ السبب إن استجمع جهات المؤثّريّة لزم حصول مسبّبه قطعا ، وإلاّ لكان منفيّا ، فلا مدخل للاتّفاق.
والجواب : أنّ المؤثّر قد يتوقّف تأثيره على أمور خارجة عن ذاته غير دائمة الحصول معه ، فيقال لمثل ذلك السبب من دون الشرائط : إنّه اتّفاقي إذا كان انفكاكه مساويا أو راجحا ، ولو أخذناه مع تلك الشرائط ، كان سببا ذاتيّا.
المسألة السادسة عشرة : في أقسام العلّة بقسمة أخرى لا حقة.
قال : ( والعلّة مطلقا (٣) قد تكون بسيطة وقد تكون مركّبة ).
أقول : يعني بالإطلاق ما يشمل العلل الأربع ، أعني المادّيّة والصوريّة والفاعليّة والغائيّة ؛ فإنّ كلّ واحدة من هذه الأربع تنقسم بهذه القسمة.
والعلّة الفاعليّة عند المحقّقين قد تكون بسيطة كتحريك الواحد منّا جسما ما
__________________
(١) انظر : « الشفاء » الطبيعيات ١ : ٦٧.
(٢) « الشفاء » الطبيعيات ١ : ٦٠.
(٣) أي سواء كانت فاعليّة أو مادّيّة أو صوريّة أو غائيّة. ( منه رحمهالله ).