قال : ( والعدم للحادث من المبادئ العرضيّة ).
أقول : الحادث الزماني هو الموجود بعد أن لم يكن ، وهو إنّما يتحقّق بعد سبق عدم علّته ، فلمّا توقّف تحقّقه على العدم السابق ، أطلقوا على العدم اسم المبدأ بالعرض مع أنّه مقارن لما هو علّة ذاتيّة لوجود الحادث ؛ فإنّ المبدأ بالذات هو الفاعل لا غير.
قال : ( والفاعل في الطرفين واحد ).
أقول : الفاعل في الوجود هو بعينه الفاعل في العدم ، على ما بيّنّاه (١) أوّلا من أنّ علّة العدم هي عدم العلّة لا غير ، فالمؤثّر في طرفي المعلول هو العلّة لا غير ، لكن مع حصولها تقتضي الوجود ، ومع عدمها تقتضي العدم.
قال : ( والموضوع كالمادّة ).
أقول : الموضوع ـ وهو المحلّ المستغني عن الحالّ ـ أيضا من العلل التي يتوقّف عليها وجود الحادث ، ونسبته إلى الحالّ مثل نسبة المادّة ـ أعني المحلّ المتقوّم بالحالّ ـ إلى الصورة في أنّ كلّ واحد منهما علّة مادّيّة بالنسبة إلى ما يتركّب منه ومن الحالّ ، فهو من جملة العلل.
المسألة السابعة عشرة : في أنّ افتقار المعلول إنّما هو في الوجود أو العدم.
قال : ( وافتقار الأثر إنّما هو في أحد طرفيه ).
أقول : الأثر له وجود وعدم ، فافتقاره إلى المؤثّر إنّما هو في أن يجعله موجودا أو معدوما ؛ إذ التأثير إنّما يعقل في أحد الطرفين بناء على أنّ الماهيّة لا يعقل التأثير فيها بأن يجعلها تلك الماهيّة ، لعدم تصوّر جعل بين الشيء ونفسه كما مرّ ، فليس السواد سوادا بالفاعل ، بل وجوده وعدمه بالفاعل.
__________________
(١) في الفصل الأوّل ، المسألة الثامنة عشرة والمسألة الثالثة والأربعون.