قال : ( وأسباب الماهيّة غير أسباب الوجود ).
أقول : أسباب الماهيّة باعتبار الوجود الذهني هي الجنس والفصل ، وباعتبار الخارج هي المادّة والصورة ، وأسباب الوجود هي الفاعل والغاية ، فهما متغايران.
قال : ( ولا بدّ للعدم من سبب وكذا في الحركة ).
أقول : قد بيّنّا أنّ نسبة طرفي الوجود والعدم إلى الممكن واحدة ، فلا يعقل اتّصافه بأحدهما إلاّ لسبب ، فلمّا افتقر الممكن في وجوده إلى السبب ، افتقر في عدمه إليه وإلاّ لكان ممتنع الوجود لذاته.
لايقال : الموجود منه ما هو قارّ ، ومنه ما هو غير قارّ ، كالحركات والأصوات.
والأوّل يفتقر عدمه إلى السبب. أمّا النوع الثاني فإنّه يعدم لذاته.
لأنّانقول : يستحيل أن يكون العدم ذاتيّا لشيء ، وإلاّ لم يوجد.
ولمّا توهّم بعض القاصرين أنّ العدم أولى بالأعراض السيّالة كالحركة من الوجود بدليل امتناع البقاء عليها فيكفي في وقوعها تلك الأولويّة فلا حاجة إلى سبب خصّها بالذكر بعد ذكر العامّ ، وأجاب بأنّ الحركة لها علّة في الوجود ، فإذا عدمت أو عدم أحد شرائطها عدمت ؛ لما سبق من عدم كفاية الأولويّة الذاتيّة مطلقا وكذا الأصوات ، فلا فرق بين الحركات وغيرها.
المسألة الثامنة عشرة : في بيان بعض أحكام العلّة المعدّة.
قال : ( ومن العلل المعدّة ما يؤدّي إلى مثل أو خلاف أو ضدّ ).
أقول : العلل تنقسم إلى المعدّ وإلى المؤثّر ، والمعدّ يعنى به ما يقرّب العلّة إلى معلولها بعد بعدها عنه ، وهو قريب من الشرائط.
والعلّة المعدّة إمّا أن تؤدّي إلى ما يماثلها ، كالحركة إلى المنتصف ؛ فإنّها معدّة للحركة إلى المنتهى وليست فاعلة لها ، بل الفاعل للحركة إمّا الطبيعة أو النفس ، لكن فعل كلّ واحد منهما في الحركة إلى المنتهى بعيد ، وعند حصول الحركة إلى