المنتصف يقرب تأثير أحدهما في المعلول الذي هو الحركة إلى المنتهى. وإمّا أن تؤدّي إلى خلافها ، كالحركة المعدّة للسخونة التي هي خلاف الحركة وغيرها من غير تضادّ. وإمّا أن تؤدّي إلى ضدّ ، كالحركة المعدّة للسكون عند الوصول إلى المنتهى.
قال : ( والإعداد قريب وبعيد ).
أقول : الإعداد منه ما هو قريب وذلك كالجنين المستعدّ لقبول الصورة الإنسانيّة ، ومنه ما هو بعيد كالنطفة لقبولها ، وكذلك العلّة المعدّة قد تكون قريبة وهي التي يحصل المعلول عقيبها ، وقد تكون بعيدة وهي التي لا تكون كذلك وتتفاوت العلل في القرب والبعد على حسب تفاوت الإعداد ، وهو قابل للشدّة والضعف.
قال : ( ومن العلل العرضيّة ما هو معدّ ).
أقول : قد بيّنّا أنّ العلّة العرضيّة تقال باعتبارين :
أحدهما : أن تؤثّر العلّة شيئا ، ويتبع ذلك الشيء شيء آخر ، كقولنا : « الحرارة تقتضي الجمع بين المتماثلات » فإنّها لذاتها تقتضي الخفّة ، فما هو أخفّ في المركّب يقبل السخونة أشدّ ، فينفصل عن صاحبه ويطلب الصعود فعرض له أن يجتمع [ مع ] (١) مماثله.
والثاني : أن يكون للعلّة (٢) وصف ملازم ، فيقال له : علّة عرضيّة. والأوّل علّة معدّة ذاتيّة للخفّة مع كونها علّة عرضيّة للسخونة ، وكذا شرب السقمونيا علّة فاعليّة عرضيّة لحصول البرودة مع أنّه علّة معدّة ذاتيّة لحصول البرودة ، فظهر أنّ بعض ما يقال له : العلّة الفاعليّة العرضيّة يكون علّة معدّة ذاتيّة بالنسبة إلى ما هي علّة فاعليّة عرضيّة له ، لا جميع أقسامها.
فظهر أنّ العلل خمس : الفاعليّة ، والمادّيّة ، والصوريّة ، والغائيّة ، والمعدّة.
__________________
(١) الزيادة أثبتناها من « كشف المراد » : ١٣٥.
(٢) في جميع النسخ : « العلّة » وما أثبتناه موافق لما في « كشف المراد » : ١٣٥.