الفصل الأوّل : في الجواهر
الممكن إمّا أن يكون موجودا في الموضوع وهو العرض ، أو لا وهو الجوهر ).
أقول : لمّا فرغ من البحث عن الأمور الكلّيّة المعقولة ، شرع في البحث عن الموجودات الممكنة ، وهي الجواهر والأعراض ، وفي هذا الفصل مسائل :
المسألة الأولى : في قسمة الممكنات بقول كلّيّ.
اعلم أنّ كلّ ممكن موجود إمّا أن يكون موجودا لا في موضوع وهو الجوهر ، وإمّا أن يكون موجودا في موضوع وهو العرض.
ونعني بالموضوع المحلّ المتقوّم بذاته المقوّم لما يحلّ فيه ؛ فإنّ المحلّ إمّا أن يتقوّم بالحالّ ؛ أو يقوّم الحالّ ؛ إذ لا بدّ من حاجة أحدهما إلى الآخر ، والأوّل يسمّى المادّة ، والثاني يسمّى الموضوع. والحالّ في الأوّل يسمّى صورة ، وفي الثاني يسمّى عرضا.
فالموضوع والمادّة يشتركان اشتراك أخصّين تحت أعمّ واحد ، وهو المحلّ ؛ والصورة والعرض يشتركان اشتراك أخصّين تحت أعمّ واحد هو الحالّ ، والموضوع أخصّ من المحلّ ، وعدم الخاصّ أعمّ من عدم العامّ ، فكلّ ما ليس في محلّ ليس في موضوع ، ولا ينعكس ؛ ولهذا جاز أن يكون بعض الجواهر حالاّ في غيره كالصورة النوعيّة الحالّة في الهيولى.
ولمّا كان تعريف العرض يشتمل على القيد الثبوتي ، قدّمه في القسمة على الجوهر.