متجزّئة إلى أجزاء ونحو ذلك ، والكلام في امتناع قيام عرض واحد قائم بمحلّ بعينه بمحلّ آخر.
وأمّا الإضافات كالقرب القائم بالمتقاربين والجوار بالمتجاورين والأخوّة بالأخوين فوحدتها نوعيّة لا شخصيّة ؛ لأنّ قرب كلّ غير قرب الآخر شخصا وإن كان مثله نوعا ، وكذلك الجوار والأخوّة ، والكلام في الوحدة الشخصيّة لا النوعيّة ، كما لا يخفى.
قال : ( وأمّا الانقسام فغير مستلزم في الطرفين ).
أقول : يعني أنّ طبيعة انقسام المحلّ لا تستلزم انقسام الحالّ ؛ فإنّ الوحدة والنقطة والإضافات كالأبوّة والبنوّة أعراض قائمة بمحالّ منقسمة وهي غير منقسمة ، أمّا الوحدة والنقطة فظاهر ، وكذا الإضافات ؛ فإنّه لا يعقل حلول نصف الأبوّة والبنوّة في نصف ذات الأب أو الابن.
وذهب قوم (١) إلى أنّ انقسام المحلّ يقتضي انقسام الحالّ ؛ لاستحالة قيامه مع وحدته بكلّ واحد من الأجزاء ؛ لما ظهر من امتناع حلول الواحد الشخصي في محالّ متعدّدة كاستحالة حلوله في واحد منها فقط وانتفاء حلوله فيها ، فتعيّن حلول بعضه في بعضها ، فيكون منقسما إلى أجزاء متباينة في الوضع كالمحلّ.
وأمّا الحالّ فإنّه لا يقتضي انقسامه طبيعة انقسام المحلّ ؛ فإنّ الحرارة والحركة إذا حلّتا محلاّ واحدا ، لم يقتض ذلك أن يكون بعض المحلّ حارّا غير متحرّك ، وبعضه متحرّكا غير حارّ.
واعلم أنّ الأعراض السارية الحالّة حلولا سريانيّا ، كالسواد الحالّ في الجسم إذا حلّت محلاّ منقسما ، انقسمت بانقسامه ، والأعراض المنقسمة بالمقدار لا بالحقائق إذا حلّت محلاّ انقسم المحلّ بانقسامها ؛ فإنّ انقسام السواد إلى الأجزاء المقداريّة
__________________
(١) منهم الشيخ ابن سينا ، كما في « المباحثات » : ١٩٦ ، الرقم ٥٨٩ ـ ٥٩٠.