متناه ، فكذا نسبة الأجزاء إلى الأجزاء فيكون كلّ جسم مؤلّفا من أجزاء متناهية.
قال : ( ويلزم عدم لحوق السريع البطيء ).
أقول : هذا هو الوجه الثاني الدالّ على إبطال القول بعدم تناهي الأجزاء.
وتقريره : أنّ الجسم لو تركّب من أجزاء غير متناهية لزم أن لا يلحق السريع البطيء ، والتالي باطل بالضرورة ، فكذا المقدّم.
بيان الشرطية : أنّ البطيء إذا قطع مسافة ثمّ ابتدأ السريع وتحرّك فإنّه إذا قطع ذلك الجزء من المسافة يكون البطيء قد قطع جزأ من آخر ؛ لعدم تخلّل السكون بشهادة الحسّ ، فإذا قطع السريع جزءا قطع البطيء جزءا آخر وهكذا إلى ما لا يتناهى ، فلا يلحق السريع البطيء.
ولا يخفى أنّ هذا الوجه جار فيما إذا كان الأجزاء متناهية أيضا.
والأولى أن يجعل وجها لإبطال الجزء الذي لا يتجزّأ ، كما لا يخفى.
قال : ( وأن لا يقطع المسافة المتناهية في زمان متناه ).
أقول : هذا وجه ثالث قريب من الوجه الثاني.
وتقريره : أنّا لو فرضنا الجسم يشتمل على ما لا يتناهى من الأجزاء ، لزم أن لا يقطع المتحرّك المسافة المتناهية في زمان متناه ؛ لأنّه لا يمكن قطعها إلاّ بعد قطع نصفها ، ولا يمكنه قطع نصفها إلاّ بعد قطع ربعها ، وهكذا إلى ما لا يتناهى ، فتكون هناك أزمنة غير متناهية ، فامتنع قطعها إلاّ في زمان غير متناه ، فيلزم أن لا يلحق السريع البطيء إذا توسّط بينهما مسافة قليلة ؛ ولهذا جعل الوجهان وجها واحدا.
قال : ( والضرورة قضت ببطلان الطفرة والتداخل ).
أقول : اعلم أنّ القائلين بعدم تناهي الأجزاء اعتذروا عن الأوّل بالتداخل ، فقالوا : لا يلزم من عدم تناهي الأجزاء عدم تناهي المقدار ؛ لأنّ الأجزاء تتداخل باندراج بعضها في بعض من غير زيادة في الحجم ، فيصير جزءان أو أزيد جزءا واحدا وفي قدره ، فلا يلزم بقاء النسبة وكون نسبة الحجم إلى الحجم كنسبة الأجزاء إلى الأجزاء