الانقسام لا غير ، وهو باطل ؛ لما تقدّم في إبطال مذهب ذيمقراطيس ، أو لما لا يتناهى ، وهو المطلوب.
المسألة السابعة : في نفي الهيولى.
قال : ( ولا يقتضي ذلك ثبوت مادّة سوى الجسم ؛ لاستحالة التسلسل ووجود ما لا يتناهى ).
أقول : اختلف العلماء في ثبوت الهيولى وعدمه على قولين :
الأوّل : ثبوتها كما عن أرسطو (١) ومن تابعه (٢) ، قالوا : إنّ الجوهر المتّصل في ذاته الذي كان بلا مفصل إذا طرأ عليه الانفصال انعدم وحدث هناك جوهران متّصلان في ذاتهما ، فلا بدّ هناك من شيء آخر مشترك بين المتّصل الأوّل وبين هذين المتّصلين ، ولا بدّ أن يكون ذلك الشيء باقيا بعينه في الحالتين ، وإلاّ لكان تفريق الجسم إلى قسمين إعداما للجسم بالكلّيّة وإيجادا لجسمين آخرين من كتم العدم.
والضرورة تقتضي بطلانه ، ويشهد على ذلك أنّ العذرة ـ مثلا ـ إذا صارت دودا ثمّ صار الدود ترابا ، تتعاقب الصور النوعيّة ، فلا بدّ من محلّ تتوارد عليه تلك الصور ، وإلاّ لزم إعدام شيء وإيجاد شيء آخر من كتم العدم ، وهو باطل بالضرورة.
الثاني : عدم ثبوت الهيولى كما عن أفلاطون (٣) ومن تابعه (٤) ، قالوا : الجوهر المتّصل قائم بذاته غير حالّ في شيء آخر ، وهو الجسم المطلق ، فهو عندهم جوهر بسيط لا تركيب فيه بحسب الخارج ، وقابل لطريان الاتّصال والانفصال مع بقائه في
__________________
(١) انظر : « ميتافيزك أرسطو » : ٣٩٠.
(٢) منهم ابن سينا في « الشفاء » الإلهيّات : ٦١ ـ ٧١ و « النجاة » : ٢١ ، وتلميذه بهمنيار في « التحصيل » : ٣١٢ وما بعدها.
(٣) نقل عنه ذلك في « شرح المواقف » ٧ : ٦ و « شرح المقاصد » ٣ : ٦١ و « المحاكمات » كما في « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ٣٦.
(٤) منهم السهروردي في « حكمة الإشراق » ضمن « مجموعة مصنّفات شيخ الإشراق » ٢ : ٣٦.