واستدلّ عليه بأنّ الخلاء لو كان ثابتا لكانت الحركة مع العائق كالحركة مع عدم العائق ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّا نفرض متحرّكا يقطع مسافة ما خالية عمّا يشغلها في ساعة ، ثمّ نفرض تلك المسافة ممتلئة وحركة ذلك المتحرّك بتلك القوّة فيها ، فلا محالة تكون في زمان أطول ؛ لأنّ الملاء الموجود في المسافة معاوق للمتحرّك عن الحركة فلنفرضه يقطعها في ساعتين ، ثمّ نفرض ملاء آخر أرقّ من الأوّل على نسبة زمان الحركة في الخلاء إلى زمانها في الملاء وهو النصف ، فتكون معاوقته نصف المعاوقة الأولى فيتحرّكها المتحرّك في ساعة ، لكنّ الملاء الرقيق معاوق أيضا فتكون الحركة مع المعاوق كالحركة بدونه ، وهو باطل.
وفيه نظر ؛ لأنّ نفس الحركة تقتضي زمانا ، والمعاوق الغليظ يقتضي زمانا غير الزمان الأوّل ، والمعاوق الرقيق إذا كان بقدر نصف المعاوق الغليظ يقتضي نصف ذلك الزمان الزائد ، لا نصف مجموع الزمانين حتّى يلزم تساوي زمان حركة ذي المعاوق ـ وهي التي في الملاء الرقيق ـ زمان حركة عديم المعاوق ، وهي التي في الخلاء ، بل تكون الحركات الثلاث على أنحاء ثلاثة.
وقد يمنع إمكان قوام يكون على نسبة زمان الخلاء إلى زمان الملاء ؛ لجواز انتهاء القوام في مراتب الرقّة إلى ما لا قوام أرقّ منه ، فتأمّل.
المسألة الحادية عشرة : في البحث عن الجهة. (١)
قال : ( والجهة طرف الامتداد الحاصل في مأخذ الإشارة ).
__________________
(١) الجهة ـ بالكسر ـ عند الحكماء تطلق على معنيين : أحدهما : أطراف الامتدادات ، وبهذا المعنى يقال : ذو الجهات الثلاث أو السبع ؛ إذ لا تنحصر الجهة بهذا المعنى في الستّ ، بل تكون أقلّ أو أكثر ، وتسمّى « مطلق الجهة ».
وثانيهما : تلك الأطراف من حيث إنّها منتهى الإشارات الحسّيّة ومقصد الحركات الأينيّة ومنتهاها بالحصول فيه ، ويخرج الحيّز والمكان ؛ لأنّ كلاّ منهما مقصد الحركات ومنتهاها.
انظر : « كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم » ١ : ٥٩٨.