نعم ، في جانب الكثرة يمكن الزيادة ؛ لجواز أن يكون كلّ من الثوابت في فلك ، وأن تكون الأفلاك غير المكوكبة كثيرة.
وبالجملة ، فتلك الأفلاك الكلّيّة مشتملة على أفلاك أخرى جزئيّة تنفصل إليها تلك الأفلاك الكلّيّة ؛ بشهادة أحوال الكواكب من البطء والسرعة والرجعة والاستقامة والخسوف والكسوف والتشكّلات البدريّة والهلاليّة واختلاف أوضاعها المخصوصة ، كما أفاد بعض (١) علماء الهيئة حيث قال :
« إنّ الشمس لها فلكان متوازيا السطحين : أحدهما : الممثّل بفلك البروج ، مركزه مركز العالم ومنطقته على سطح منطقة البروج وهو فلكها الكلّيّ. وثانيهما : خارج المركز وهو في ثخن الممثّل مركزه غير مركز العالم ، ولكن منطقته أيضا على سطح منطقة البروج ، ويماسّ محدّباهما ومقعّراهما على نقطتين تسمّى النقطة المشتركة في المحدّب الأبعد عن الأرض أوجا ، والنقطة المشتركة في المقعّر الأقرب منها حضيضا. وإنّ هيئات أفلاك الكواكب العلويّة ـ أعني زحل والمشتري والمرّيخ وكذا فلك الزهرة من السفليّة مثل هيئة فلك الشمس من غير تفاوت إلاّ في أمرين :
أحدهما : أنّ لكلّ منها فلكا في ثخن خارج المركز ، كما أنّ الشمس في ثخن خارج المركز ، ويسمّى بفلك التدوير ، ويماسّ سطح الخارج المركز على نقطتين يسمّى الأبعد من الأرض ذروة والأقرب إليها حضيضا ، وكلّ من تلك الكواكب الأربعة مركوز في تدويره بحيث يماسّ على نقطة في سطحه.
وثانيهما : أنّ منطقة خارج مركز تلك الكواكب ليست على سطح منطقة البروج ، بل تقاطعها على نقطتين متقاطرتين بكونهما على طرفي قطر من أقطار فلك البروج ، ويسمّى خارج المركز في غير الشمس بالفلك الحامل وأنّ هيئة فلك عطارد تتفاوت عن هيئات أفلاك الكواكب الأربعة في أمرين :
__________________
(١) لعلّه بطلميوس. راجع « شرح الإشارات » ٣ : ٢١٣ وما بعدها ؛ « كشّاف اصطلاحات الفنون » ٢ : ١٢٩٠ ـ ١٢٩١.