ومنها : أنّ الافلاك شفّافة ؛ لأنّها بسائط.
ونقض بالقمر ، ولأنّها غير حاجبة عمّا وراءها ؛ فإنّا نبصر الثوابت وهي في الفلك الثامن.
وردّ : بأنّه ـ مع أنّه لا يتمّ في الفلك الأعظم ، وينحصر في غيره ـ ظنّي لا يفيد اليقين ؛ لجواز صفائها ؛ فإنّ الصفيف غير حاجب كما في البلّور (١).
ومنها : أنّ الفلك محدّد للجهات ؛ لأنّ تحدّد الجهات ليس في خلاء لاستحالته ، ولا ملاء متشابه لا توجد فيه أمور متخالفة بالطبع وإلاّ لما كانت إحدى الجهتين مطلوبة والأخرى متروكة ، كما نشاهد في النار والهواء فإنّهما طالبان بالطبع للفوق وهاربان عن التحت ، وفي الأرض والماء فإنّهما بعكس النار والهواء. فإذن تحدّد الجهات في أطراف ونهايات خارجة عن الملاء المتشابه فيكون بجسم كرويّ ، وإلاّ لا تتحدّد به جهة السفل ؛ لأنّها عبارة عن غاية البعد عن جهة الفوق ، وغير الكرويّ لا تتحدّد به غاية البعد ، وإلاّ لتبدّلت جهة السفل بالنسبة إلى ما هو أبعد فصارت فوقا بالقياس إلى ذلك الأبعد ، فتأمّل.
ومنها : أنّ الفلك لا يقبل الكون والفساد والخرق والالتئام ، وإلاّ لزم كون حركته بالاستقامة ، والفلك لا يقبل الحركة المستقيمة ، مضافا إلى لزوم اختلاف الأجزاء في الحركة ، فبعضها إلى جهة وبعضها إلى أخرى ، ولا يتصوّر ذلك في البسيط الذي لا قاسر فيه.
وفيه أوّلا : أنّه لو تمّ لتمّ في الفلك الأعظم خاصّة.
وثانيا : أنّ مشيئة الله من جهة المعجزة قاسرة ، وهو على ذلك قادر على ما يشاء كما أنّه قادر على الإيجاد من كتم العدم ، فافهم.
ومنها : أنّ الفلك يتحرّك على الاستدارة دائما كما هو المشاهد بالعيان ومعلوم
__________________
(١) انظر : « كشف المراد » : ١٥٨.