الرابعة : طبقة الهواء الكثيف الذي يصل إليه أثر الشعاع ، ويستفيد كيفيّة البرد من مخالطة الأجزاء المائيّة ولا يبقى على صرافة برودتها المكتسبة منها ؛ لوصول أثر شعاع الشمس إليه بالانعكاس.
قال : ( والماء بارد رطب شفّاف محيط بثلاثة أرباع الأرض تقريبا ، له طبقة واحدة ).
أقول : هذا بيان لأحوال الماء ، وهي خمس :
الأولى : أنّه بارد بشهادة الحسّ عند زوال المسخّنات الخارجة ، ولا خلاف في ذلك ، ولكنّهم اختلفوا في أنّ الماء أبرد ؛ للحسّ من الأرض ، أو الأرض أبرد ؛ لأنّها أكثف وأبعد من المسخّنات والحركة الفلكيّة.
الثانية : أنّه رطب بمعنى البلّة وسهولة التشكّل معا.
وقيل : إنّه يقتضي الجمود ؛ لأنّه بارد بالطبع ، والبرد يقتضي الجمود ، وإنّما عرض السيلان له بسبب سخونة الأرض والهواء ، ولو خلّي وطبعه ، لاقتضى الجمود ، فتأمّل.
الثالثة : أنّه شفّاف ؛ لأنّه مع صرافته لا يحجب عمّا وراءه.
الرابعة : أنّه محيط بأكثر الأرض وهو ثلاثة أرباعها تقريبا بمقتضى تعادل العناصر وإحاطتها.
الخامسة : أنّه ذو طبقة واحدة ، وهو البحر المحيط.
قال : ( والأرض باردة يابسة ساكنة في الوسط شفّافة ، لها ثلاث طبقات ).
أقول : هذا بيان لأحكام الأرض ، وهي خمسة :
الأوّل : أنّها باردة ؛ لأنّها كثيفة ، ولأنّها لو خلّيت وطباعها ولم تسخّن بسبب غريب ، ظهر عنها برد محسوس.
الثاني : أنّها يابسة بشهادة الحسّ.
الثالث : أنّها ساكنة في الوسط خلافا لمن زعم أنّها متحرّكة إلى السفل ، ومن زعم أنّها متحرّكة إلى العلو ، ومن زعم أنّها متحرّكة بالاستدارة.