نشوء ونموّ وهو المعادن والجمادات ، أو ذا نشوء من غير حسّ وحركة وهو النباتات ، أو ذا نشوء وحسّ وحركة وهو الحيوانات. وهي المواليد الثلاثة (١).
والمركّب غير التامّ على أقسام ذكرها مع سببها بعض (٢) الحكماء العظام :
منها : السحاب والمطر ونحوه ، وسبب حدوثهما ـ على ما أفاد ـ أنّ الأجزاء الهوائيّة الممزوجة مع المائيّة الصغيريّة غير المحسوسة المسمّاة بالبخار إذا صعدت بالحرارة إلى الطبقة الزمهريريّة تبقى باردة فتصير متكاثفة ، فإن لم يكن البرد قويّا اجتمع ذلك البخار وتقاطر ، للثقل الحاصل من التكاثف والانجماد ، فالمجتمع هو السحاب ، والمتقاطر هو المطر. وإن كان البرد قويّا ، فإن وصل قبل اجتماع أجزاء السحاب نزل ثلجا وإلاّ نزل بردا. وأمّا إذا لم يصل البخار إلى الطبقة الباردة الزمهريريّة ؛ لقلّة حرارته الموجبة للصعود ، فإن كان كثيرا فقد ينعقد سحابا ماطرا إذا أصابه برد ، وقد لا ينعقد ويسمّى ضبابا. وإن كان قليلا فإذا ضربه برد الليل ، فإن لم ينجمد فهو الطلّ ، وإن انجمد فهو الصقيع ، ونسبته إلى الطلّ كنسبة الثلج إلى المطر.
ومنها : الرعد والبرق ، وسببهما أنّ الدخان ـ الذي هو أجزاء ناريّة تخالطها أجزاء صغار أرضيّة تلطّفت بالحرارة ـ إذا ارتفع واحتبس فيما بين السحاب ، فما صعد إلى العلو لبقاء حرارته أو نزل إلى السفل لزوالها يمزّق السحاب تمزيقا عنيفا فيحصل صوت هائل هو الرعد ، وإن اشتعل الدخان لما فيه من الدهنيّة بالحركة العنيفة المقتضية للحرارة كان برقا إن كان لطيفا وينطفئ بسرعة ، وصاعقة إن كان غليظا ولا ينطفئ حتّى يصل إلى الأرض ، فربما يصير لطيفا ينفذ ولا يحرق ، وربّما كان كثيفا غليظا فيحرق كلّ شيء أصابه ويدكّ الجبل دكّا.
ومنها : الرياح ، فقد تكون بسبب تموّج الهواء الحاصل من اندفاع السحاب الثقيل
__________________
(١) وعلى ذلك يكون المقصود من المواليد الثلاثة : المعدن والنبات والحيوان.
(٢) هو أثير الدين المفضّل بن عمر الأبهري في « الهداية الأثيرية » ، انظر : « شرح الهداية الأثيرية » للميبدي : ١١٩ ـ ١٢٦ ، الفصل الثاني من الفنّ الثالث في العنصريّات.