الأرض أوجب انشقاق الأرض وانفجار العيون. وإذا غلظ البخار بحيث لا ينفذ في مجاري الأرض ـ أو كانت الأرض كثيفة عديمة المسامّ ، ـ اجتمع طالبا للخروج ولم يمكنه النفوذ فزلزلت الأرض. ومقتضى ما ورد من الأخبار غير ذلك.
ولعلّ سبب عدم ذكر المصنّف لتلك الأقسام عدم الاعتماد بكونها من الأسباب المذكورة ، كما يستفاد من الأدلّة الشرعيّة فتأمّل.
وأمّا المركّب التامّ فهو يحصل من هذه العناصر الأربعة باعتبار الكيفيّات الأربع ـ أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ـ بشهادة الاستقراء ، فكانت الأسطقسّات هذه العناصر الأربعة لا غير ، وهذه العناصر من حيث هي أجزاء العالم تسمّى أركانا ، ومن حيث إنّها تركّب عنها المركّبات من المعادن والنبات والحيوانات تسمّى أسطقسّات.
قال : ( وهي حادثة عند تفاعل بعضها في بعض ).
أقول : المركّبات عند محقّقي الأوائل (١) تحدث عند تفاعل هذه العناصر الأربعة بعضها في بعض بكيفيّاتها المختلفة ، فتحصل ـ ولو بالإفاضة من المبدأ ـ الكيفيّة المتوسّطة المتشابهة المسمّاة بالمزاج ، وذلك لا يتمّ إلاّ بالحركة المسبوقة بالزمان فتكون حادثة.
ومعنى تشابه الكيفيّة المزاجيّة أنّ الحاصل في كلّ جزء من أجزاء الممتزج يماثل الحاصل في الجزء الآخر ويساويه في الحقيقة النوعيّة من غير تفاوت إلاّ بالمحلّ ، حتّى أنّ الجزء الناريّ كالجزء المائيّ في الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة وكذا الهوائيّ والأرضيّ.
ومعنى توسّطها أن تكون أقرب إلى كلّ من الكيفيّتين المتقابلتين ممّا يقابلهما بسبب انكسار سورة الحرارة ـ مثلا ـ بسورة البرودة ، كما في صورة امتزاج الماء
__________________
(١) منهم الشيخ الرئيس في « الإشارات والتنبيهات » ، راجع « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ٢٧٥ ـ ٢٨١.