اختلاف الاستعداد المستفاد من اختلاف الأمزجة بسبب قربها وبعدها عن الاعتدال ، فكلّ ما كان مزاجه أقرب إلى الاعتدال قبل نفسا أكمل.
قال : ( مع عدم تناهيها بحسب الشخص وإن كان لكلّ نوع طرفا إفراط وتفريط ، وهي تسعة ).
أقول : الأمزجة تختلف باختلاف صغر أجزاء البسائط وكبرها ، وهذا الاختلاف بسبب الصغر والكبر غير متناه ، فكانت الأمزجة أيضا كذلك غير متناهية بحسب الشخص وإن كان لكلّ نوع طرفا إفراط وتفريط ؛ فإنّ نوع الإنسان ـ مثلا ـ له مزاج خاصّ معتدل بين طرفين هما إفراط وتفريط ، لكن ذلك المزاج الخاصّ (١) يشتمل على ما لا يتناهى من الأمزجة الشخصيّة ولا يخرج عن حدّ المزاج الإنساني ، وكذلك كلّ نوع من الأنواع المركّبة.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الأمزجة تسعة ؛ لأنّ البسائط إمّا أن تتساوى في المزاج وهو المعتدل ، أو يغلب أحدهما فإمّا الحارّ مع اعتدال الانفعاليّين ، أو البارد معه ، أو الحارّ مع غلبة الرطب ، أو اليابس ، أو البارد معهما ، أو يغلب الرطب مع اعتدال الفعليّين ، أو اليابس معه. وهي تسعة : واحد منها الاعتدال ، وأربعة منها الخروج عن الاعتدال في كيفيّة مفردة من الكيفيّات الأربع ، وأربعة أخرى الخروج عن الاعتدال في كيفيّتين غير متضادّتين ، أحدها في الحرارة واليبوسة ، وثانيها في الحرارة والرطوبة ، وثالثها في البرودة واليبوسة ، ورابعها في البرودة والرطوبة.
__________________
(١) أي المزاج الخاصّ النوعي.