كان الملزوم أيضا حادثا ، وإلاّ يلزم عدم كون الملزوم ملزوما وتخلّف اللازم عن الملزوم ، وذلك باطل بالضرورة ، فتثبت الكبرى أيضا فتلزم النتيجة.
ويرد عليه : أنّ مقتضى تعريف الحركة والسكون وجود حالة ثالثة في الآن الأوّل وخلوّ الجسم عنهما فيه ، فتكون الصغرى ممنوعة ، فلا يثبت المدّعى.
والجواب : أنّ الكون في الآن الأوّل من جهة عدم تصوّر عدم التناهي ، بل التكثّر والتعدّد فيه حادث بالبديهة ، فيكون للجسم أكوان حادثة ولا يخلو عنها فيكون حادثة ؛ لما أشرنا إليه. فلا بدّ من اعتبار ضميمة في الدليل بأن يقال : إنّ الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون وما في حكمهما ، فيتمّ الدليل.
وأمّا الاعتراض بأنّ مسبوقيّة ماهيّة الحركة بالغير ممنوعة ، ومسبوقيّة كلّ فرد مسلّمة غير نافعة ؛ لجواز كون ماهيّة الحركة قديمة محفوظة بتعاقب الأفراد.
ففيه : أنّ كون الشيء في الآن الثاني لا يتصوّر كونه قديما ، فحدوثه ضروريّ.
مضافا إلى كفاية حدوث كلّ جزئيّ للمستدلّ بعد إثبات تناهي الجزئيّات بما سيأتي. فلا حاجة إلى الجواب السخيف المذكور في شرح القوشجي (١).
وقد يستدلّ على حدوث الحركة والسكون بأنّ كلّ واحد منهما يجوز عليه العدم ، والقديم لا يجوز عليه العدم.
أمّا الصغرى ؛ فلأنّ كلّ متحرّك على الإطلاق فإنّ كلّ جزء من حركته يعدم ويوجد عقيبه جزء آخر منها ، وكلّ ساكن فإنّه إمّا بسيط أو مركّب. وكلّ بسيط ساكن تمكن عليه الحركة ؛ لتساوي الجانب الملاقي منه لغيره من الأجسام والجانب الذي لا يلاقيه في قبول الملاقاة ، فأمكن على غير الملاقي الملاقاة ، كما أمكنت على الملاقي ، وذلك إنّما يكون بواسطة الحركة ، فكانت الحركة جائزة عليه فيكون العدم أيضا جائزا عليه كما مرّ.
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » : ١٨٣ ـ ١٨٤.