[ الفصل الرابع : في الجواهر المجرّدة ]
قال : ( الفصل الرابع : في الجواهر المجرّدة. أمّا العقل فلم يثبت دليل على امتناعه ).
أقول : لمّا فرغ من البحث عن الجواهر المقارنة للمادّة ، شرع في البحث عن الجواهر المجرّدة عنها ، ولبعدها عن الحسّ أخّرها عن المقارنات.
وفي هذا الفصل مسائل :
المسألة الأولى : في العقول المجرّدة.
اعلم أنّ جماعة من المتكلّمين نفوا هذه الجواهر ، واحتجّوا بأنّه لو كان هاهنا موجود ليس بجسم ولا جسماني لكان مشاركا لواجب الوجود في هذا الوصف ، فيكون مشاركا له في ذاته (١).
وهذا كلام سخيف ؛ لأنّ الاشتراك في الصفات السلبيّة لا يقتضي الاشتراك في الذات ؛ فإنّ كلّ بسيطين يشتركان في سلب ما عداهما عنهما مع انتفاء الشركة بينهما في الذات. بل الاشتراك في الصفات الثبوتيّة لا يقتضي اشتراك الذوات ؛ لأنّ الأشياء المختلفة قد يلزمها لازم واحد كالشمس والنار والحركة بالنسبة إلى الحرارة ، فإذا
__________________
(١) انظر : « المحصّل » : ٢٣٠ ـ ٢٣١ ؛ « المطالب العالية » ٧ : ٢٥ ـ ٢٨ ، وقد نسبه في الأوّل إلى جمهور المتكلّمين ، وفي الثاني إلى أكثر المتكلّمين. ولمزيد المعرفة راجع « شرح المواقف » ٦ : ٢٧٢ ـ ٢٧٧ و ٧ : ٢٤٧ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ١٤١ ـ ١٤٤ و ٣ : ٥ ـ ٨.